أنزلت عليه لفظًا ولا معنى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم بريًا من التشبيه، وتنزيهم خليًا من التعطيل، لا كمن شبه حتى كأنَّه يعبد صنمًا أو عطل حتى كأنَّه لا يعبد إلا عدمًا١.
وأهل السنة وسط في النحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل، توقد مصابيح معارفهم ﴿مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ ٢ ٣.
فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره، ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته، ومتابعة رسوله إنه قريبٌ مجيبٌ.
_________
١ روى اللالكائي في شرح الاعتقاد (٣/٥٣٢) عن نعيم بن حماد أنه قال: "من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه". وقال ابن القيم ﵀ في نونيته:
من شبه الله العظيم بخلقه ... فهو النسيب لمشركٍ نصراني
أو عطل الرحمن من أوصافه ... فهو الكفور وليس ذا إيمان
وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (٥/ ١٦٩) .
٢ سورة النور، الآية: ٣٥.
٣ من قوله ﴿َكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ...﴾ إلى تمام الآية ساقط من (ص) .
1 / 49