164

Durrat Ghawwas

درة الغواص في أوهام الخواص

Investigator

عرفات مطرجي

Publisher

مؤسسة الكتب الثقافية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨/١٩٩٨هـ

Publisher Location

بيروت

التَّمْيِيز كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿بئس للظالمين بَدَلا﴾، أَي بئس الْبَدَل بَدَلا، فأضمره وَفَسرهُ بالنكرة المنصوبة من جنسه، وَمنع أهل الْعَرَبيَّة أَن يكون فَاعل هذَيْن الْفِعْلَيْنِ مَخْصُوصًا، وَلِهَذَا لم يجيزوا أَن يُقَال: نعم زيد وَلَا نعم أَبُو عَليّ حَتَّى يُقَال: نعم الرجل زيد، وَنعم الرجل أَبُو عَليّ، وَيكون تَقْدِير الْكَلَام: الممدوح فِي الرِّجَال زيد، وَإِنَّمَا جوز نعم مَا صنعت، لدلَالَة الْفِعْل الْمَوْجُود على الِاسْم الْمَحْذُوف، إِذْ تَقْدِير الْكَلَام نعم الْفِعْل مَا فعلت، فَكَأَن الضَّمِير الْمَحْذُوف بِمَنْزِلَة المتلفظ بِهِ.
وَمنع عَليّ بن عِيسَى الربعِي من جَوَاز ذَلِك، وَقَالَ: تَصْحِيح الْكَلَام: نعم مَا مَا فعلت، لتَكون مَا الأولى بِمَعْنى شَيْء، كَمَا أَنَّهَا فِي التَّعَجُّب بِمَعْنَاهُ، وَيصير تَقْدِير الْكَلَام: نعم شَيْء شَيْئا صنعت، فيناسب قَوْلهم: نعم رجلا زيد.
وَكَذَلِكَ امْتَنعُوا أَن يَقُولُوا: نعم هَذَا الرجل لِأَن الرجل هَاهُنَا صفة لهَذَا، وَاللَّام فِيهِ لتعريف الْإِشَارَة وَالْخُصُوص، وَمن شريطة لَام التَّعْرِيف الدَّاخِلَة على فَاعل نعم وَبئسَ أَن تكون للْجِنْس الْمُحِيط بِالْعُمُومِ، فَتكون مَعَ إِفْرَاد لَفظهَا فِي معنى الْجمع، كاللام الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الْإِنْسَان لفي خسر﴾، أَي إِن النَّاس، بِدَلِيل أَنه تَعَالَى اسْتثْنى مِنْهُم ﴿الَّذين آمنُوا﴾، وَلَا يجوز استنثاء الْجمع من الْمُفْرد.

1 / 172