145

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

«اللهم نعم»، قال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورأي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة(1) أخو بني سعد بن بكر، هذا لفظ البخاري.

فانظر كيف أخذ ثبوت النبوة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبل كلامه في ذلك بعدما أكده بما أمكن من التأكيد ، واشتد في اعتقاده وتصديقه له عليه، ولم يلتفت إلى غير ذلك، ولا بحث عن المعجز، ولا سأل عن دليل الصدق، وأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك ولم ينكره عليه، ولا يثبت التصديق، ولا نبهه على النظر والاستدلال، ولا أرشده إلى ذلك المعجز بحال، ولا سياق القصة تقضي بأنه خطر له ذلك ببال، وكونه ذكر أنه رسول من وراءه من قومه ليعلموا على ما يأتيهم به من أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والبلوغ إليه والدراية لما هو عليه، وحكى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم ينكره عليه ولا على من وراءه من قومه، وأقرهم على ذلك، فتأمل ما ذكرناه تأمل إنصاف، واغترف من هذا النمير الصاف.

القول فيما تبطل به إمامة الإمام بعد ثبوتها

هو ضربان:

الضرب الأول: ما هو من فعل الله سبحانه وتعالى ويخرج به

عن التمكن من مباشرة ما قام لأجله كالجنون المطبق، والعمى، والصمم، والمرض المذهب للقوى، أو ما كان مبطلا لأحد الشروط المعتبرة، فمتى صار كذلك ووقع اليأس من عوده على ما كان عليه من أوصاف الكمال خرج بمجرد ذلك عن الإمامة، ولا يفتقر إلى عزل ولا إخراج.

Page 150