Al-Durr al-Farīd wa-Bayt al-Qaṣīd
الدر الفريد وبيت القصيد
Editor
الدكتور كامل سلمان الجبوري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
قِفِ العِيْسَ (١) فِي أَطْلَالِ مَيَّةَ فَاسْأَلِ ... رُسُوْمًا كَأَخْلَاقِ الرِّدَاءِ المُسَلْسَلِ
فَتَمَّ كَلَامُهُ ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى القَافِيَةِ، فَقَالَ المُسَلْسَلِ، فَزَادَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَيْضًا (٢):
أَظُنُّ الَّذِي يُجْدِي عليك سُؤَالُهَا ... دُمُوْعًا كَتَبْذِيْرِ الجُمَانِ المُفَصَّلِ
فَتَمَّ الكَلَامُ، ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى القَافِيَةِ، فَقَالَ المُفَصَّلِ، فَزَادَ شَيْئًا حَسَنًا.
وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:
هُوَ المُبَالَغَةُ فِي وَصْفِ الشَّاعِرِ الشَّيْءَ، أَوِ المَمْدُوْحَ، أوِ المَذْمُوْمَ بِأبْعَدِ غَايَاتِ صِفَاتِهِ. وَالغُلُوُّ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنْ نُعطِيَهُ مِنَ الصِّفَةِ مَا تَعْجِزُ طَبِيْعَتُهُ عَنْهُ، وَلَا تَنْتَهِي قُوَاهُ إِلَيْهِ، فَيَكُوْنُ ذَلِكَ غُلُوًّا فِي المُبَالَغَةِ. قَالُوا وَإِذَا أَتَى الشَّاعِرُ مِنَ الغُلُوِّ بِمَا يَخْرُجُ عَنِ المَوْجُوْدِ وَيَلْحَقُ بِالمَعْدُوْمِ، فَإنَّمَا يُرِيْدُ المَثَلَ وَبُلُوْغَ النِّهَايَةِ فِي النَّعْتِ. وَقَدْ طَعَنَ قَوْمٌ عَلَى هَذَا المَذْهَبِ؛ لِمُنَافَاتِهِ الحَقِيْقَةَ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَالفِكْرَةِ، وَلَيْسَ بِمَوْضِعِ طَعْنٍ. وَسُئِلَ النَّابِغَةُ مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: مَنْ أسْتُجِيْدُ كَذِبُهُ، وَأضْحَكَ رَدِيْئُهُ. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ قَيْسِ بنِ الخَطِيْمِ يَصِفُ طَعْنَةً (٣): [من الطويل]
طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثَائِرٍ ... لَهَا نَفَذٌ لَوْلَا الشُّعَاعُ أضَاءهَا
مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي فَأنْهَرْتُ فَتْقَهَا ... يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُوْنهَا مَا وَرَاءهَا
أنْهَرْتُ: أوْسَعْتُ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّمِرِ بنِ تَوْلَبٍ يَصِفُ سَيْفًا: [من البسيط]
أَبْقَى الحَوَادِثُ وَالأَيَّامُ مِنْ نَمِرٍ ... أسْبَادَ سَيْفٍ قَدِيْمٍ أثرُهُ بَادِي
تَكَادُ تَحْفِرُ عَنْهُ إِنْ ضرَبْتَ بِهِ ... بَعْدَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالهَادِي
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُعَلَّلُ بِلَوْ، وَلَوْلَا، وَيَكَادُ، وَمَا نَاسَبَهُ؛ لِيَخْرُجَ عَنِ المُسْتَحِيْلِ؛
(١) يُقَالُ وَقْفْتُ وَلَا يُقَالُ أَوْقَفْتُ إِلَّا فِي مَوْضعَيْنِ: أَوْقَفْتُ الجَّارِيَةَ إِذَا جَعَلْتَ لَهَا وَقْفًا وَهُوَ سِوَارٌ مِنْ عَاجٍ يَتَّخِذَهُ الأَعْرَاب، وَتَكَلَّمْتُ بِالشَّيْءِ ثُمَّ أَوْقَفْتُ عَنْهُ أَيْ أَمْسَكْتُ. وَلَا يَجُوْزُ فِي غَيْرِ هَذَينِ الحَرْفَيْنِ أَوْقَفْتُ بِوَجْهٍ وَلَا سَبَبٍ.
(٢) ديوانه ٣/ ١٤٥١.
(٣) ديوانه ص ٤٦.
1 / 243