178

Durr Farid

الدر الفريد وبيت القصيد

Investigator

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

التَّضْمِيْنُ (١) مَصْدَرٌ سُمِيِّ بِهِ، وَهُوَ نَوْعَانِ:
أحَدُهُمَا: أَنْ يَنْظِمَ الشَّاعِرُ بَيْتًا، وَيَأتِي بِبَيْتٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ يِلْتَحِمُ مَعَهُ، وَيَقْتَضِي

= فَبَوَّأَ لَهُ الرُّمْحَ لِيَطْعَنَهُ بِهِ فَقَالَ لَهُ امْرُؤُ القَيْسِ بن أَبَانَ وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ تَغْلِبَ وَكَانَ عَلَى مُقَدّمَتِهِمْ زَمَانًا طَوِيْلًا لَا تَفْعَلَ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتَهُ لَيَقْتُلَنَّ بِهِ مِنْكُمْ كَبْشٌ لَا يُسْأَلُ عَنْ خَالِهِ مَنْ هُوَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَحْتَقِرَ البَغْيَ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُمَا وَبِيْئَة وَقَدْ اعتزله عَمُّهُ وَأَبُوْهُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فَحَلّ عَنْهُ وَأَطِعْنِي فَأَبَى عَلَى امْرِئِ القَيْسِ المُهَلْهَلُ إِلَّا قَتْلَهُ فَطَعَنَهُ بِرِمْحِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ وَقَالَ: بِشِسْعِ نَعْلِ كُلَيْبٍ.
فَبَلَغَ كَلَامُهُ عَمَّ الغلَامِ الحَارثَ بن عُبَّادٍ وكانَ مِنْ أَحْلَمِ أَهْلِ زمانه، وَأَشَدِّهمْ بَأْسًا وَكَانَ أَحَد حُكَّامِ وَائِلٍ وَامْرُؤُ القَيْسِ بن أَبَانَ الآخَرُ.
فَقَالَ الحَارَثُ: نِعْمُ القَتِيْلُ قتيل أَصلَحَ بَيْنَ ابْنَي وَائِلٍ فَكَفَّ سُفَهَائَهُمْ وَحَقَنَ دِمَاءَهُمْ، فَقِيْلَ لَهُ: أنَّ المُهَلْهِلَ إِنَّمَا قَتَلَهُ بِشَسْعِ نَعْلِ كُلَيْبٍ، فَلَمْ يَقْبَل ذَلِكَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَإِلَى امْرِىِ القَيْسِ:
أنْ كُنْتُمْ قَدْ قَتَلْتُمْ بُجَيْرًا بِكُلَيْبٍ وَانْقَطَعَتِ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أخْوَانِكُمْ فَإِنِّي رَاضٍ بِذَلِكَ لِيَهْدَأَ هَذَا الأَمْرُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ المُهَلْهِلُ:
إِنَّمَا قَتَلْتُهُ بِشَسْعِ نَعْلِ كُلَيْبٍ.
فَقَالَ الحَارثُ بنُ عُبَّادٍ لأَمَةٍ لَهُ: رُدِّي أَجْمَالِكِ ألْحَقَكِ الشِّتمُّ بِأَهْلِكِ فَمِنْ أُنّاسٍ مَا أَنْتِ فَذَهَبَتْ مَثَلًا وَدَعَا بِفَرَسِهِ النَّعَامَةِ فَجَزَّ نَاصِيَتِهَا وَهَلَبَ ذَنْبَهَا وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ فَعَل ذَلِكَ بالخيل، عَلَى مَا أَزْعَمُوا فَقَالَ بَعْضُ العَرَبِ رُدَّهَا جَذْعَةً.
وَقَالَ الحَارثُ:
لَا بُجَيْرٌ أَغْنَى ولا رَهـ ... ـطُ كُلَيْبٍ وَأَبْحَرُوا عَنْ بِلَالِ
قَرِّبَا مَرْبَطَ النَّعَامَةِ مِنِّي ... لقحتْ حَرْبُ وَائِلٍ عَنْ حَيَالِ
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا عَلِمَ اللَّهُ ... وَأَنِّي بِحَرِّهَا اليَوْمَ بِصالِ
قَرِّبَا مَرْبَطَ النَّعَامَةِ مِنِّي ... إِنْ قْتَلَ الغلامِ بالشُسعِ غَالِ
(١) أنظر: البدج لابن أفلح العبسي ص ٧٨ وما بعدها.

1 / 180