Durr Farid
الدر الفريد وبيت القصيد
Investigator
الدكتور كامل سلمان الجبوري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
وَذَلِكَ مِمَّا تَنْقَطِعُ دُوْنَ إدْرَاكِهِ الأنْفَاسُ، وَتَبْطُلُ قَبْلَ بُلُوْغِ نِهَايَتِهِ الحَوَاسُّ.
أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ،
فَإنَّهُ نِهَايَةُ حِذْقِ الشَّاعِرِ، وَالعَقَبَةُ الَّتِي إِنْ جَاَزَهَا، لَحِقَ بِالمُجِيْدِيْنَ، وَإِنْ قَصَّرَ عَنْهَا، تَخَلَّفَ بِالكَثيْرِ مِنَ المُقَصِّرِيْنَ؛ لأنَّ كَافَ التَّشْبِيْهِ يَسْهُلُ اسْتِلَابُهَا فِي اللَّفْظِ عَلَى الشَّاعِرِ. فَإذَا طُوْلبَ بِرَدِّ الجَّوَابِ عَنْهَا، اسْتَصعَبَ ما اسْتَسْهَلَ وَهُنَالِكَ يُنْصَرُ أَوْ يُخْذلُ.
وَالتَّشْبِيْهُ عَلَى ضُرُوْبٍ:
فَمِنْهُ تَشْبِيْهُ العِيَانِ وَالتَّأمُّلِ (١)، وَهُوَ أَن يُشَبَّهَ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، فَيَكُوْنَ كَأنَّهُ هُوَ.
= وَتَشْبِيْهٌ مُتَقَارِبٌ كَقَوْلِ أَبُو نُوَّاسٍ يَصِفُ سَفِيْنَةً:
فَكَأَنَّهَا وَالمَاءُ يَنْطَحُ صَدْرَهَا ... وَالخَيْزُرَانَةُ فِي يَدِ المَلَّاحِ
جَوْنٌ مِنَ العِقْبَانِ مُبْتَدِرُ الدُّجَى ... يَهْوِي بِصَوْتٍ وَاصْطِفَاقِ جَنَاحِ
أخَذَ هَذَا عَلِيّ بن جَبَلَةَ فَقَالَ فِي حَمِيدِ بن عَبْدِ الحَمِيْدِ:
يَرْتُقُ مَا يَفْتِقُ أَعْدَاؤُهُ ... وَلَيْسَ يَأْسُو فتقَهُ آسِي
فَالنَّاسُ جِسْمٌ وَإِمَامُ الهُدَى ... رَاسٌ وَأَنْتَ العَيْنِ فِي الرَّاسِ
وَالتَّشْبِيْهُ البَعِيْدُ الَّذِي لَا يَقُوْمُ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِ:
بَلْ لَوْ رَأَتْنِي أُخْتُ جِيْرَانِنَا ... إِذْ أَنَا فِي البَيْتِ كَأَنِّي حِمَارُ
* * *
يُرِيْدُ الصِّحَةَ كَمَا تَقُوْلُ العَامَّةُ كَأَنَّهُ العِجْلُ تَرِيْدُ بِهِ الصِّحَّةَ وَهَذَا بَعِيْدٌ لأنَّ السَّامِعَ لَهُ إِنَّمَا يَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ.
(١) وَمِنْ تَشْبِيْهِ العِيَانِ وَالتَّأَمُّلِ مَا أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ الإِمَامُ العَالِمُ الفَاضِلُ الكَامِلُ جَمَالُ الدِّيْنِ يَاقُوْت الَكَاتِبُ لِنَفْسِهِ أَدَامَ اللَّهُ تَوْفِيْقهُ وَمَجْدهُ وَأَسْعَدَ فِي الدَّارَيْنِ جَدِّهِ: =
1 / 116