والطبقة الثَّانِيَة الْقُضَاة والحكام الَّذين هم مَوَازِين الْعدْل بتفويض الحكم إِلَيْهِم وحراس السّنة باتباعها فِي أحكامهم وبهم ينتصف الْمَظْلُوم من الظَّالِم فِي رد ظلامته والضعيف من الْقوي فِي اسْتِيفَاء حَقه فَإِن قل ورعهم وَكثر طمعهم أماتوا السّنة بِأَحْكَام مبتدعة وأضاعوا الْحُقُوق بأهواء متبعة فَكَانَ قدحهم فِي الدّين أعظم من قدحهم فِي المملكة فِي إبِْطَال الْعدْل أعظم من إضرارهم بالمتحاكمين إِلَيْهِم فِي إبِْطَال الْحق
وَقد قيل من أقبح الْأَشْيَاء سخف الْقُضَاة وظلم الْوُلَاة
وَقَالَ أنو شرْوَان مَا عدل من جارت قُضَاته وَلَا صلح من فَسدتْ كفاته
والطبقة الثَّالِثَة أُمَرَاء الأجناد الَّذين هم أَرْكَان دولته وحماة مَمْلَكَته والذابون عَن حَرِيم رَعيته والمالكون أَعِنَّة أجناده والعاطفون بهم على صدق نصرته وموالاته فَإِذا استقامت لَهُ هَذِه الطَّبَقَة استقام لَهُ جَمِيع أعوانه وَإِن اضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ فسد نظام تَدْبيره مَعَ سَائِر أجناده لأَنهم إِلَى طَاعَة أمرائهم أسْرع وَلقَوْل كبرائهم أطوع فَإِذا خَافَ سطوة من بهم يَسْطُو وَلم يَأْمَن جَانب من
1 / 100