ابن عبد الوهاب قام أولاده أيضا بما قام به وكان الأمير محمد بن سعود وأولاده إذا ملكوا قبيلة سلطوها على من دنا واقترب منها ويسلط الأخرى على ما بعدها حتى ملك جميع القبائل وإذا أراد أن يغزو بلدة من البلدان كتب لكل قبيلة يريد مسيرها معه كتابا بقدر الخنصر يطلب منهم الحضور فيأتون إليه ومعهم جميع ما يحتاجون إليه من زاد وغيره ولا يكلفونه بشئ وليس له عسكر ولا جند ولا ديوان يحصيهم وإذا انتهبوا شيئا يأخذون الأربعة الأخماس ويعطونه الخمس ويسيرون معه أينما يسير ألوفا مؤلفة لا يحصيهم إلا الله تعالى ولا يستطيعون مخالفته في نقير ولا قطمير وهذه بلية ابتلى الله بها عباده وهي فتنة من أعظم الفتن التي ظهرت في الإسلام طاشت من بلاياها العقول وحار فيها أرباب العقول لبسوا فيها على الأغبياء ببعض الأشياء التي توهمهم أنهم قائمون بأمر الدين وذلك مثل أمرهم البوادي بإقامة الصلوات والمحافظة على الجمعة والجماعات ومنعهم من الفواحش الظاهرة كالزنا واللواط وقطع الطريق فأمنوا الطرقات وصاروا يدعون الناس إلى التوحيد فصار الأغبياء الجاهلون يستحسنون حالهم ويغفلون ويذهلون عن تكفيرهم المسلمين فإنهم كانوا يحكمون على الناس بالكفر من منذ ستمائة سنة وغفلوا أيضا عن استباحتهم أموال الناس ودماءهم وانتهاكهم حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بارتكابهم أنواع التحقير له ولمن أحبه وغير ذلك من مقابحهم التي ابتدعوها وكفروا الأمة بها وكانوا إذا أراد أحد أن يتبعهم على دينهم طوعا أو كرها يأمرونه بالإتيان بالشهادتين أولا ثم يقولون له اشهد على نفسك إنك كنت كافرا واشهد على والديك إنهما ماتا كافرين واشهد على فلان وفلان إنه كان كافرا ويسمون له جماعة من أكابر العلماء الماضين فإن شهدوا بذلك قبلوهم وإلا أمروا بقتلهم وكانوا يصرحون بتكفير الأمة من منذ ستمائة سنة وأول من صرح بذلك محمد بن عبد الوهاب فتبعوه على ذلك وإذا دخل إنسان في دينهم وكان قد حج حجة الإسلام قبل ذلك يقولون له حج ثانيا فإن حجتك الأولى فعلتها وأنت مشركا فلا تسقط عنك الحج ويسمعون من اتبعهم من الخارج المهاجرين ومن كان من أهل بلدتهم
Page 46