والحق: أن ما كان في علمه أن لو أتى به كان مسقطًا هو المثاب عليه والمعاقب به، فتأمل!
قوله: "ويجوز تحريم واحد لا بعينه".
أقول: قاس الأصحاب تحريم واحد لا بعينه على وجوبه كذلك، والدليل هو الدليل اعتراضًا وجوابًا، والمخالف هو المخالف، وهم المعتزلة (١) لكنهم لم يوجبوا الإتيان بالجميع في المسألة الأولى، وإن قالت طائفة بوجوب الجميع بسقوطه بفعل واحد منها، وفي هذه المسألة ذهبوا إلى وجوب ترك الجميع لاقتضاء النهى عن القُبح، وإن كان بصيغة التخيير احتياطًا، اللهم إلا أن يدل [دليل] (٢) على أن المراد منع الجمع، فيجوز فعل أحدهما (٣).
قوله: "قيل: لم ترد به اللغة" إشارة إلى منع من جهة المعتزلة تقريره: أنكم ادعيتم أن النهى عن واحد لا بعينه جائز، وهي كمسألة المخير، ولا يستقيم قياسكم على ذلك، إذ في المخير ورد الأمر من الشارع بذلك،
(١) راجع: الإحكام للآمدي: ١/ ١١٤، والمسودة: ص / ٨١، وشرح العضد: ٢/ ٢، والقواعد لابن اللحام: ص/ ٦٩ - ٧٠، والتمهيد: ص / ٧٩، وتيسر التحرير: ٢/ ٢١٨، وشرح الكوكب المنير: ١/ ٣٨٧.
(٢) سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٣) قال القرافي: "المعنى بالنهي على الجميع، أي: كل واحد منهما منهى عنه، ومعنى النهي عن الجمع أن متعلق النهي هو الجمع بينهما، وكل واحد منهما ليس منهيًا عنه كالأختين، فإن كل واحدة منهما في نفسها ليست محرمة، بل المحرم هو الجمع فقط" شرح تنقيح الفصول: ص/١٧٢.