218

Al-Ḍiyāʾ li-Salama al-ʿUtabī j2 6 8 10

الضياء لسلمة العوتبي ج2 6 8 10

Genres

وصعق امتحانا لا عقابا؛ لأن ذنبه كان صغيرا مغفورا، وكذلك الذين نالتهم الصاعقة من السبعين إنما نالتهم امتحانا لا عقابا، ويدل على ذلك قول الله عز وجل مخبرا عن موسى j: {فلمآ أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهآء منآ} (¬1) ، ومعناه الإنكار أن يفعل الله ذلك، وإن كان مخرجه الاستفهام، كقول القائل: هل عندي مال؟ إذا كان يعني أنه لا مال عندي. وكقول الله جل ثناؤه لعيسى عليه السلام: {ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} (¬2) ، أخرج ذلك مخرج الاستفهام، ومعناه التكذيب لمن نحل ذلك عيسى، وأراد: إنك لم تقل، فكذبهم. فبين أن السفهاء هم الذين نالتهم الصاعقة بظلمهم، ثم أحياهم الله تعالى، ثم اتخذوا بعد ذلك العجل لما أبطأ عنهم موسى j، وأقام أربعين يوما بعد رجوع السبعين إليهم، وقد دل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جآءتهم البينات} (¬3) فبين أن الصاعقة /96/ إنما أخذتهم لقولهم: {أرنا الله جهرة} (¬4) لا لاتخاذهم العجل.

ويدل قول موسى عليه السلام: {أتهلكنا بما فعل السفهآء منآ} أن موسى والسبعين لم يسألوا الله تعالى الرؤية، وإنما سأل ذلك السفهاء من قومه؛ لأنه لو كان سأل هو ذلك ما قال: {أتهلكنا بما فعل السفهآء منآ}، فبين أنه سأل ليبين الله تعالى لقومه أن هذا لا يجوز على الله، وليزجر عن مثل هذا السؤال بمثل ما زجرهم به وأحله بهم من الرجفة والصاعقة التي حلت بهم.

Page 222