قطعتماني بما لاقيتما قطعا
وقال آخر:
عاتبت قلبي لما ... رأيت جسمي نحيلًا
فالزم القلب طرفي ... وقال كنت الرسولا
فقال طرفي لقلبي ... بل كنت أنت الدليلا
فقلت كفا جميعًا ... تركتماني قتيلا
قلت فكانا كما يقول العامة قفا بين صفاعين وما أحسن قول الآخر:
فوالله ما أدري أنفسي ألومها ... على الحب أم عيني قريحة أم قلبي
فإن لمت قلبي قال لي العين أبصرت ... وإن لمت عيني قالت الذنب للقلب
فعيني وقلبي قد تشاركن في دمي ... فيا رب كن عونًا على العين والقلب
فصل في ذكر سحر العيون ونبل الجفون
قلت والحاكم بينهما الذي يحكم بين الروح والجسد إذا اختصما كما ورد في الخبر عن سيد البشر " لا تزال الخصومة يوم القيامة بين الخلائق حتى تختصم الروح والجسد فيقول: الجسد للروح أنت التي حركتني وأمرتني وصرفتني وإلا فأنا لم أكن أتحرك ولا أفعل شيئًا بدونك فتقول الروح له: وأنت الذي أكلت وشربت وتمتعت فأنت الذي تستحق العقوبة فيرسل الله ﷾ ملكًا يحكم بينهما فيقول مثلكما مثل مقعد بصير وأعمى يمشي دخلا بستانًا فقال المقعد للأعمى: أنا أرى ما فيه الثمار ولكن لا أستطيع القيام. وقال الأعمى: أنا أستطيع القيام ولكن لا أبصر شيئًا فقال المقعد: تعال فاحملني فأنت تمشي وأنا أتناول فعلى من تكون العقوبة فيقولان عليهما فيقول: فكذلك أنتما ".
فصل
ذكر سحر الجفون ونبل العيون
فمن ذلك قول بشاره وهو أغزل بيت قالته الشعراء فيما حكاه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان:
أنا والله أشتهي سحر عيني ... ك وأخشى مصارع العشاق
ونقل شيخنا الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي في تاريخ الإسلام عن ابن حيوس أنه قال من أغزل ما أعلم قول عبد المحسن الصوري:
بالذي ألهم تعذيبي ... ثناياك العذابا
ما الذي قالته عينا ... ك لقلبي فأجابا
قلت وهما من قول جرير:
إن العيون التي في طرفها حور ... يقتلتتا ثم لا يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله إنسانا
وأنشد صاحب المرقص والمطرب:
لو لم أمت باللحظ قال العذل ... ما قيمة السيف الذي لا يقتل
وقال ابن سهل الإشبيلي في مطلع موشحه:
ألحاظها للقتل ... في كرها أوفي نصيب
ترمي وكلي مقتل ... وكلها سهم مصيب
وقال الملك الناصر داود صاحب الكرك:
بأبي أهيف إذا رمت منه ... لثم ثغر يصدني عن مرامي
قد حمى خده بسور عذار ... مقلتاه أضحت عليه مرامي
فصل
وصف العيون الضيقة وغيرها
قال ابن النبيه:
يصد بطرفه التركي عني ... صدقتم إن ضيق العين نخل
وقال أيضًا: من بنى الترك لين العطف قاسي القلب سهل الخداع صعب المراسي ضيق العين وهو من صفة البخل فإن جاد كان ضد القياس:
جذب القوس فاكتست وجنتاه ... ثوب ورد طرازه من آس
ورمى عن قوسين سهمين هذا ... في فؤادي وذاك في القرطاس
وقال ابن قرناص:
علقته تتريا ... ويشجى القلوب ببينه
لا يرتجى الجود منه ... بالوصل من ضيق عينه
وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة:
بهت العذول وقد رأى ألحاظه ... تركية تدع الحليم سفيها
فثنى الملام وقال دونك والأسى ... هذي مضايق لست أدخل فيها
وقال الشيخ صفي الدين الحلي:
لي منهم رشا إذا غازلته ... كادت لواحظه بسحر تنطق
إن شاء يلقاني بخلق واسع ... عند اللقاء نهاه طرف ضيق
حكى الخرائطي عن بعض العلويين قال بينما أنا واقف على الحسن ابن هانئ وهو ينشد:
ويلي على نجل العيون ... النهد الضمر البطون
الناطقات على الضمير ... لنا بألسنة الجفون
1 / 27