وما قيل فيهما من تفصيلي وإجمالي
أقول هذا باب عقدناه للكلام على الحسن وأقسامه: والحبيب وكلامه.
ولا سيما إذا ابتسم عن حبب.
واضطرب في ثغره الصرب.
فعذب مقبله.
وتساوى من حسنه في الحالي ماضيه ومستقبله.
هنالك يحتوي من الجمال على القسمين الذين هما الظاهر والباطن.
والظاعن والقاطن.
فالجمال الباطن المحمود لذاته كالعلم والبراعة.
والجود والشجاعة.
والجمال الظاهر ما ظهر من غصن قوامه الرطيب.
ووجهه الذي فاق البدر بلا غيبة للشمس عند المغيب.
فعند ذلك يشمت بالبدر بشاماته.
ويقول لخدة الذي ازداد بها حسنًا من زاد زاد الله في حسناته.
فلذلك قيل الحسن الصريح.
ما استنطق الآفواه بالتسبيح.
وقيل بل هو كما قيل شيء به فتن الورى غير الذي يدعي الجمال ولست أدري ما هو قلت وهو الصحيح لأنه لا يدري كنهه ولا يعرف شبهه.
حتى كأنه فكرة لا تتعرف.
ومجهول لا يعرف.
ولذلك قال بعضهم للحسن معنى لا تناله العبارة ولا يحيط به الوصف وقيل الحسن مشتق من الحسنة قلت والذي يظهر أنه لهذا المعنى قيل للشامات حسنات قال بعضهم في سوداء مليحة يا رب سوداء تجلى.
بحسنها الظلمات ماذا يعيبون فيها رؤيته.
وكلها حسنات وقلت أنا ووجه زال رونقه فأضحت.
محاسنه بلحيته عيوبًا قليل الحظ بالشامات أمسي.
فما حسناته إلا ذنوب.
وقيل الحسن أمر مركب من أشياء وضاءة وصباحة وحسن تشكيل وتخطيط ودموية في البشرة وقيل الحسن تناسب الخلقة واعتدالها واستواؤها ورب صورة متناصبة الخلقة وليست في الحسن بذاك.
وقال عمر بن الخطاب ﵁ إذا تم بياض المرأة في حسن شعرها فقد تم حسنها وقالت عائشة ﵂ البياض شطر الحسن وقالوا في الجارية جميلة من بعيد ملحية من قريب فالجميلة التي تأخذ جملة بصرك فإذا دنت منك لم تكن كذلك والمليحة التي كلما كررت بصرك فيها زادتك حسنًا وقيل الجميلة السمينة من الجمال وهو أشحم والمليحة أيضًا من الملحة وهي البياض والصبيحة كذلك من الصبح لبياضه وقال بعضهم الظرف في القدر والبراعة في الجيد والرقة في الأطراف والخصر والشأن كله في الكلام وأحسن الحسن ما لم يجلب بتزيين وقال امرؤ القيس:
وجدت بها طيبًا وإن لم تطب
وقال آخر:
إن المليحة من تزين حليها ... لا من غدت بحليها تتزين
وقال بعض أهل اللغة العرب تقول الحلاوة في العينين والملاحة في الفم والجمال في الأنف والظرف في اللسان ومنه قول الحسن ﵁ إذا كان اللص ظريفًا لا يقطع أي إذا وقع دفع عن نفسه بطلاقة لسانه ومنطقه وما أحسن قول بعضهم البدن فيه الوجه والأطراف.
وفي الوجه المحاسن وإليها الاستشراف.
وفي المحاسن النكت التي هي الغاية في الاستحسان والاستظراف.
كالملاحة في العين ونكتة الملاحة الدعج وكالحسن في الفم ونكتة الحسن الفلج وكالطلاوة في الجبين ونكتة الطلاوة البلج وكالرونق في الخد ونكتة الخد الضريح.
وما يستحسن في المرأة طوال أربعة وهي أطرافها وقامتها وشعرها وعنقها.
وقصر أربعة يديها ورجليها ولسانها وعينيها والمراد بهذا القصر المعنوي فلا تبذر ما في بيت زوجها ولا تخرج من بيتها ولا تستطيع بلسانها ولا تطمع بعينها.
وبياض أربعة لونها وفرقها وثغرها وبياض عينها وسواد أربعة أهدابها وحاجبها وعينيها وشعرها.
وحمرة أربعة لسانها وخذها وشفتيها مع لعس واشراب بياضها بحمرة.
وغلظ أربعة ساقها معصمها وعجيزتها وما هنالك. وسعة أربعة جبهاتها وجبينها وعينها وصدرها. وضيق أربعة فمها ومنخرها ومنفذ أذنيها وما هنالك وهو المقصود الأعظم من المرأة. قيل وجدت جارية في زمن بني ساسان بهذه الصفات المذكورة جميعها فما كان أحقها أن يقال في حقها.
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى في الحسن عند موفق لقضى لها وحكى أن يعصور أحد ملوك الصين أهدى إلى كسرى أنوشر وأن ملك فارس هدية من جملتها جارية تغيب في شعرها وتتلألأ جمالًا فبعث إليه كسرى بهدية من جملتها جارية طولها سبعة أذرع تضرب أهداب عينيها خديها كأن بين أجفانها لمعان البرق مقرونة الحاجبين لها ضفائر تجرهن إذا مشت.
1 / 15