إِذا نَزَلُوا رِعانَ البِشرِ قُلنا ... سُقيتِ الغَيثَ أَيَّتُها الرِعانُ
وَجادَ ثَراكِ مُنهَمِرُ العَزَالي ... كَأَنَّ البَرقَ في طَرَفَيهِ جانُ
تَكَشَّفَتِ الغَمامَةُ عَن سَناهُ ... كَما كَشَفَت عَنِ الراحِ الدِنانُ
وَرُدَّ الجَوُّ مَصبوغَ النَواحي ... كَما صَبَغَ الإِهابَ الزَعفَرانُ
يَقومُ لَهُ وَجُنحُ اللَيلِ داجٍ ... خَطيبٌ ما لِمَنطِقِهِ بَيانُ
يُهَدهِدُ وَالنُجومُ مُغَوِّراتٌ ... كَما ضَرَبَت مَزاهِرَها القِيانُ
إِذا ما ضَجَّ ثَجَّ الماءُ حَتّى ... تَدَبَّجَ بِالرِياضِ الصَحصَحانُ
كَأَنَّ الحَيّ فارَقَه فَشابَت ... لِفُرقَتِهُ مِنَ النورِ القُنانُ
وَأَصبَحَ كُلَّما بَكتِ الغَوادي ... تَبَسَّمَ في رُباه الأُقحَوانُ
تَرى النُوّارُ يَرشَحُ ما سَقاهُ ... كَما رَشَحَت وَدائِعَها الشِنانُ
إِذا هَبَّت بِمَنبِتِهِ النَعامى ... تَأَرَّجَتِ الأَباطِحُ وَالمِتانُ
تَظَلُّ الحُقبُ عاكِفَةً عَلَيهِ ... إِذا أَلوى لَهُنَّ الصِلِيانُ
وَطارَ مَعَ الصِفارِ بِكُلِّ فَجٍّ ... بَقِيَّةُ ما اِكتَساهُ الأَيهَقانُ