Dirasat Can Muqaddimat Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Genres
1
لقد كتب لسان الدين ابن الخطيب ترجمة حياة ابن خلدون الذي كان تعارف وتصادق معه، أولا في المغرب الأقصى ثم في الأندلس، وذكر في هذه الترجمة مؤلفات صديقه؛ رسالة في المنطق، وأخرى في الحساب، تلخيص لبعض ما كتبه ابن رشد، شرح لقصيدة البردة، تلخيص كتاب فخر الرازي، شرح لرجز في أصول الفقه.
من المعلوم أن هذا الأديب الكبير كان قتل خنقا قبل انتقال ابن خلدون إلى قلعة ابن سلامة؛ ولذلك لم يرد ذكر لكتاب العبر ومقدمته بين هذه المؤلفات بطبيعة الحال.
ولكن من الغريب أن جميع هذه المؤلفات التي ذكرها لسان الدين ابن الخطيب ليست معلومة الآن، والأغرب من ذلك أن ابن خلدون نفسه لم يذكرها في ترجمة حياته.
إن ما هو معروف عن العلاقات التي كانت توثقت بين لسان الدين ابن الخطيب وبين ابن خلدون لا يترك مجالا للشك في صحة ما كتبه الأول عن مؤلفات الثاني.
وأما عدم ذكر ابن خلدون لهذه المؤلفات في ترجمة الحياة التي كتبها بنفسه، فلا يمكن أن يفسر إلا بأنها كانت تافهة في نظره، ويغلب على الظن - والحالة هذه - بأنها كانت بمثابة كراسات الدرس أو التدريس العارية من الآراء المبتكرة؛ ولذلك لم يتباه بها ابن خلدون، فلم يذكرها في ترجمة حاله.
وأما الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا من مؤلفات ابن خلدون، فهو كتاب التاريخ الذي كان أسماه باسم طويل: «كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر.»
إن كتاب العبر هذا مرتب على مقدمة وثلاثة كتب حسب تعبير المؤلف نفسه: «المقدمة: في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والإلماع بمغالط المؤرخين.»
الكتاب الأول: في العمران، وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم، وما لذلك من العلل والأسباب.
الكتاب الثاني: في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ بدء الخليقة إلى هذا العهد، وفيه الإلماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم؛ مثل النبط، والسريانيين، والفرس، وبني إسرائيل، والقبط، واليونان، والروم، والترك، والإفرنجة.
Unknown page