88

Darʾ taʿāruḍ al-ʿaql waʾl-naql aw muwāfaqat ṣaḥīḥ al-manqūl li-ṣarīḥ al-maʿqūl

درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول

Editor

الدكتور محمد رشاد سالم

Publisher

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١١ هـ - ١٩٩١ م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

من عند الله ثابت في نفسه، سواء علمناه بعقولنا أو لم نعلمه، فهو مستغن في نفسه عن علمنا وعقلنا، ولكن نحن محتاجون إليه وإلي أن نعلمه بعقولنا، فإن العقل إذا علم ما هو عليه الشرع في نفسه صار عالمًا به، وبما تضمنه من الأمور التي يحتاج إليها في دنياه وآخرته، وانتفع بعلمه به، وأعطاه ذلك صفة لم تكن له قبل ذلك، ولو لم يعلمه لكن جاهلًا ناقصًا.
وأما إن أراد أن العقل أصل في معرفتنا بالسمع ودليل لنا علي صحته - وهذا هو الذي أراده - فيقال له: أتعني بالعقل هنا الغريزة التي فينا، أم العلوم التي استفدنا بتلك الغريزة؟
وأما الأول فلم ترده، ويمتنع أن تريده، لأن تلك الغريزة ليست علمًا يتصور أن يعارض النقل، وهو شرط في كل علم عقلي أو سمعي كالحياة، وما كان شرطًا في الشيء امتنع أن يكون منافيًا له، فالحياة والغريزة شرط في كل العوم سمعيها وعقليها، فامتنع أن تكون منافية لها، وهى أيضًا شرط في الاعتقاد الحاصل بالاستدلال، وإن لم تكن علمًا، فيمتنع أن تكن منافية له ومعارضة له.
وإن أردت بالعقل الذي هو دليل السمع وأصله المعرفة الحاصلة بالعقل، فيقال لك: من المعلوم أنه ليس كل ما يعرف بالعقل يكون أصلًا للسمع ودليلًا علي صحته، فإن المعارف العقلية أكثر من أن تحصر، والعلم بصحة السمع غايته أن يتوقف علي ما به يعلم صدق الرسول صلي الله عليه وسلم.
وليس كل العلوم العقلية يعلم بها صدق الرسول صلي الله عليه وسلم، بل ذلك يعلم بما يعلم به أن الله تعالي أرسله، مثل إثبات الصانع وتصديقه للرسول بالآيات وأمثال ذلك.

1 / 89