30

Dar Tacarud

درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول

Investigator

الدكتور محمد رشاد سالم

Publisher

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١١ هـ - ١٩٩١ م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

وما يحتج به بعضهم علي أن هذا ممكن بأنا لا نعلم امتناعه، كما نعلم امتناع الأمور الظاهر امتناعها، مثل كون الجسم متحركًا ساكنًا، فهذا كاحتجاج بعضهم علي أنها ليست بديهية بأن غيرها من البديهيات أجلى منها، وهذه حجة ضعيفة، لأن البديهي هو ما إذا تصور طرفاه جزم العقل به، والمتصوران قد يكونان خفيين، فالقضايا تتفاوت في الجلاء والخفاء لتفاوت تصورها كما تتفاوت لتفاوت الأذهان، وذلك لا يقدح في كونها ضرورية، ولا يوجب أن ما لم يظهر امتناعه يكون ممكنًا، بل قول هؤلاء أضعف، لأن الشيء قد يكون ممتنعًا لأمور خفية لازمة له، فما لم يعلم انتفاء تلك اللوازم، أو عدم لزومها، لا يمكن الجزم بإمكانه، والمحال هنا أعلم من المحال لذاته أو لغيره، والإمكان الذهني حقيقته عدم العلم بالامتناع، وعدم العلم بالامتناع لا يستلزم العلم بالإمكان الخارجي، بل يبقى الشيء في الذهن غير معلوم الامتناع ولا معلوم الإمكان الخارجي، وهذا هو الإمكان الذهني، فإن الله سبحانه وتعالي لم يكتف في بيان إمكان المعاد بهذا، إذ يمكن أن يكون الشيء ممتنعًا ولو لغيره ن وإن لم يعلم الذهن امتناعه، بخلاف الإمكان الخارجي فإنه إذًا علم بطل أن يكون ممتنعًا. والإنسان يعلم الإمكان الخارجي: تارة بعلمه بوجود الشيء، وتارة

1 / 31