Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genres
عليهم سلطانا مبينا) [91] أي حجة واضحة لقتالهم، وهو انكشاف حالهم في الكفر وعداوة أهل الإسلام، فاذناكم بذلك في قتلهم.
[سورة النساء (4): آية 92]
وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما (92)
قوله (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا) نزل في شأن عياش ابن أبي ربيعة حين قتل الحارث ابن زيد معتقدا أنه كافر، فاذا هو مسلم «1»، أي ليس لمؤمن أن يقتل مؤمنا لعلة من العلل الباطلة (إلا خطأ) أي إلا للخطأ، فنصبه مفعول له، ويجوز أن ينصب «2» حالا، أي لا يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ، وهو ما ليس للإنسان فيه قصد، وذلك إما أن يظن كافرا فاذا هو مسلم أو يرمي شيئا فيصيب آخر فأتلفه، ثم بين حكم القتل «3» الخطأ بقوله (ومن قتل مؤمنا خطأ) أي قتلا غير قصد (فتحرير) فلواجب على القاتل عتق (رقبة مؤمنة) وقيد بالإيمان «4»، لأنه لم يجز إعتاق رقبة كافرة بالإجماع، وسره أنه لما أخرج نفسا مؤمنة عن الحيوة وجب عليه أن يحيي نفسا مثلها بالتحرير، لأنه كالأحياء، والرقيق كالميت لامتناع تصرفه وعدم حكمه في نفسه كالأحرار (ودية مسلمة) أي وعليه دية مؤداة (إلى أهله) أي إلى ورثة القتيل يقتسمونها كالميراث للتركة سوى القاتل الوارث، والدية مائة من الإبل على عاقلته وهم عصبته وإن لم يكن له عاقلة «5» فمن بيت المال والرقبة في مال القاتل، وإن لم يكن له ورثة فالدية لبيت المال، قوله (إلا أن يصدقوا) محله نصب على الظرف بتقدير الزمان، ويتعلق ب «مسلمة»، أي تسلم «6» إليهم الدية إلا حين التصدق عليه بها، يعني إلا أن يعفو عنه ورثة القتيل، ولا يأخذوا «7» منه شيئا، وأصله أي يتصدقوا، فأدغمت التاء في الصاد، والاستثناء متصل كما ذكرنا، ويجوز أن يكون منقطعا بمعنى لكن التصدق يمنع من تسليمها، ثم قال (فإن كان) أي المقتول (من قوم عدو لكم) أي من أهل «8» حرب للمسلمين لا عهد بينكم وبينهم (وهو مؤمن) أي المقتول مسلم بينهم لم يفارقهم (فتحرير) أي فعلى قاتله عتق (رقبة مؤمنة) ولا دية عليه لتسلم إلى أهله، لأنهم كفار محاربون (وإن كان) أي المقتول (من قوم بينكم وبينهم ميثاق) أي حلف وعهد، يعني إن كان ذميا (فدية) أي فعلى قاتله دية (مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة) لأن حكمه حكم المسلم، واختلف العلماء في دية الذمي، قال أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه:
هي كدية المسلم سواء «9»، وقال الشافعي رحمه الله: ثلث دية المسلم «10»، ونزلت الآية في مستأمنين دخلا على رسول الله فكساهما وحملهما فلما خرجا من عنده لقيهما عمرو بن أمية فقتلهما ولم يعلم أنهما مستأمنين فقضاهما «11» رسول الله بدية حرين مسلمين «12»، ثم قال (فمن لم يجد) أي رقبة مؤمنة إما لعدمها في ملكه أو لعدم قدرته في تحصيلها (فصيام) أي فعليه صيام (شهرين متتابعين) قوله (توبة من الله) أي شرع ذلك لتوبة حاصلة من الله، مفعول له أو مصدر فعل محذوف، يعني تاب الله عليه توبة (وكان الله عليما) بمن قتل ومن قتل (حكيما) [92] فيما حكم من الكفارة على القاتل خطأ.
Page 230