210

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

(ودوا) أي هم أحبوا (لو تكفرون) أي إن ترجعوا «1» إلى الكفر (كما كفروا) أي كما رجعوا إليه (فتكونون سواء) أي مستوين أنتم وهم في الكفر (فلا تتخذوا منهم) أي من المرتدين (أولياء) في الدين والنصرة وان يظهروا الإيمان لكم (حتى يهاجروا في سبيل الله) هجرة صحيحة لا يريدون بها إلا الله تعالى (فإن تولوا) أي إن أعرضوا عن الهجرة والإيمان (فخذوهم) أي أسروهم «2»، ومنه قولهم للأسير أخيذ (واقتلوهم) إن لم يتوبوا عن الكفر (حيث وجدتموهم) أي أين لقيتموهم «3» من الحل والحرم «4» (ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا) [89] أي اجتنبوهم مجانبة كلية في الدين والعون.

[سورة النساء (4): آية 90]

إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (90)

ثم استثني من ضمير المفعول في «واقتلوهم» لا من الضمير في «ولا تتخيوا منهم» لفساد المعنى وإن كان أقرب، لأن اتخاذ الولي منهم حرام مطلقا بقوله (إلا الذين يصلون) أي يتصلون وينتسبون بالحلف (إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) أي عهد موثق، وهم قوم هلال بن عويمر الأسلمي، كان قد صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خروجه إلى مكة على أن كل من أتاهم من المسلمين فهو آمن، ومن جاء منهم إلى النبي عليه السلام فهو آمن، وفي هذه الآية دليل على ثبوت المصالحة بين أهل الحرب وأهل الإسلام إذا كانت مصلحة في المصالحة للمسلمين، قوله (أو جاؤكم) عطف على صفة «قوم» أو على صلة «الذين»، وهو الأظهر، أي إلا الذين يصلون إلى المعاهدين لكم أو جاؤكم (حصرت صدورهم) أي ضاقت قلوبهم وانقبضت (أن يقاتلوكم) أي عن قتالكم من جهة العهد، فاتركوهم، والجملة حال بتقدير قد، أي والحال قد حصرت صدورهم عن المحاربة (أو يقاتلوا قومهم) أي أو حصرت صدورهم عن قتال قومهم الذين معكم من جهة القرابة، وهم بنو مدلج، جاؤا رسول الله غير مقاتلين (ولو شاء الله لسلطهم عليكم) لحكمة يعلمها من الابتلاء وغيره (فلقاتلوكم) لكنه منعهم عن قتالكم، وهذا إظهار لمنته العظيمة على المؤمنين، ثم قال (فإن اعتزلوكم) أي تباعدوا عن قتالكم (فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم) أي الصلح والانقياد (فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) [90] أي طريقا بالأخذ والقتل، يعني أنهم لو ثبتوا على صلحهم فما أذن الله لكم في قتلهم وأسرهم.

[سورة النساء (4): آية 91]

ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا (91)

قوله «5» (ستجدون آخرين) نزل في شأن أسد وغطفان ومن جرى مجراهم، كانوا إذا جاؤا إلى النبي عليه السلام يقولون آمنا بك، وإذا رجعوا إلى قومهم قالوا آمنا بالعقرب والخنفساء استهزاء للنبي عليه السلام فكفروا بذلك «6»، فقال تعالى: ستجدون قوما آخرين (يريدون أن يأمنوكم) بقولهم لكم آمنا (ويأمنوا قومهم) بكفرهم عند عودهم إليهم (كلما ردوا إلى الفتنة) أي كلما دعوا إلى الشرك وإلى قتالكم (أركسوا) أي ردوا ووقعوا (فيها) أشد وقوع، والركس قلب الشيء على رأسه (فإن لم يعتزلوكم) أي إن تعرضوا لقتالكم (ويلقوا إليكم السلم) أي ولم يصالحوكم (ويكفوا أيديهم) أي ولم يكفوا أيديهم عن الحرب معكم (فخذوهم) أي أسروهم (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) أي أين وجدتموهم وادركتموهم (وأولئكم) أي أهل هذه الصفة (جعلنا لكم

Page 229