52

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ؟ قَالُوا: أَبُو طَالِبٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلالا، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الْكَعْكِ وَالزَّيْتِ. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قُلْتُ: لَيْسَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مَنْ خَرَّجَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن غزوان أبو نوح لقبه: فراد، انفرد به البخاري ويونس بن أبي إسحق انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي مَتْنِهِ نَكَارَةٌ، وَهِيَ إِرْسَالُ أَبِي بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِلالا، وَكَيْفَ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْلُغِ الْعَشْرَ سِنِينَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَسَنُّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بِأَزْيَدَ مِنْ عَامَيْنِ، وَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ تِسْعَةُ أَعْوَامٍ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، أَوِ اثْنَا عَشَرَ عَلَى مَا قَالَهُ آخَرُونَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ بِلالا لَمْ يَنْتَقِلْ لأَبِي بَكْرٍ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثلاثين عاما، فإنه كان لبني حلف الجمحيين وعند ما عُذِّبَ فِي اللَّهِ عَلَى الإِسْلَامِ اشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ ﵁ رَحْمَةً لَهُ وَاسْتِنْقَاذًا لَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَخَبَرُهُ بِذَلِكَ مَشْهُورٌ. وَقَوْلُهُ: فبايعوه، إن كان المراد فبايعوا بحيرى عَلَى مُسَالَمَةِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَرِيبٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا أَدْرِي ما هو. رجع إلى خبر ابن إسحق: وكان رسول الله ﷺ يُحَدِّثُ عَمَّا كَانَ اللَّهُ يَحْفَظُهُ بِهِ فِي صِغَرِهِ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي غِلْمَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَنْقُلُ حِجَارَةً لِبَعْضِ مَا يَلْعَبُ بِهِ الْغِلْمَانُ، كُلُّنَا قَدْ تَعَرَّى وَأَخَذَ إِزَارًا وَجَعَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ، فَإِنِّي لأُقْبِلُ مَعَهُمْ كَذَلِكَ وَأُدْبِرُ، إِذْ لَكَمَنِي لاكِمٌ مَا أَرَاهُ لَكْمَةً وَجِيعَةً، ثُمَّ قَالَ: شُدَّ عَلَيْكَ إِزَارَكَ قَالَ: فَأَخَذْتُهُ فَشَدَدْتُهُ عَلَيَّ: ثُمَّ جَعَلْتُ أَحْمِلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رَقَبَتِي وَإِزَارِي عَلَيَّ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ كَانَ ﷺ يَحْمِلُ الْحِجَارَةَ وَإِزَارُهُ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يا ابن أَخِي: لَوْ جَعَلْتَ إِزَارَكَ عَلَى عَاتِقِكَ، فَفَعَلَ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِزَارِي إِزَارِي، فَشُدَّ عَلَيْهِ إِزَارُهُ وَقَامَ يَحْمِلُ الْحِجَارَةَ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ ضَمَّهُ الْعَبَّاسُ إِلَى نَفْسِهِ، وَسَأَلَهُ عَنْ شَأْنِهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ نُودِيَ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ اشْدُدْ عَلَيْكَ إِزَارَكَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: وَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَا نُودِيَ. قال وحديث أبي إسحق إِنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الأَمْرِ كَانَ مَرَّتَيْنِ فِي

1 / 55