51

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

لابْنِ أَخِيكَ هَذَا شَأْنٌ عَظِيمٌ، فَأَسْرَعَ بِهِ إِلَى بِلادِهِ، فَخَرَجَ بِهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ سَرِيعًا حَتَّى أَقْدَمَهُ مَكَّةَ حِينَ فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ بِالشَّامِ، فَزَعَمُوا أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَدْ كَانُوا رَأَوْا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ مَا رَأَى بحيرى فِي ذَلِكَ السَّفَرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ مَعَ عمه أبي طالب فأرادوه، فردهم عنه بحيرى فِي ذَلِكَ، وَذَكَّرَهُمُ اللَّهَ تَعَالَى وَمَا يَجِدُونَ فِي الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَنَّهُمْ إِنْ أَجْمَعُوا لِمَا أَرَادُوا لَمْ يَخْلُصُوا، إِلَيْهِ حَتَّى عَرَفُوا مَا قَالَ لَهُمْ وَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ، فتركوه وانصرفوا عنه. قَوْلُهُ: فَصَبَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، الصَّبَابَةُ: رِقَّةُ الشَّوْقِ، وَصَبَبْتُ أَصُبُّ، وعند بعض الرواة: فضبت بِهِ أَيْ: لَزِمَهُ، قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الأَعْرَجُ الْبَغَوِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ أَبُو نُوحٍ قَالَ: أَنَا يُونُسُ بْنُ أبي إسحق عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ، وَخَرَجَ مَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي أَشْيَاخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ هَبَطُوا فَحَلُّوا رِحَالَهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الرَّاهِبُ، وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ وَلا يَلْتَفِتُ، قَالَ: فَهُمْ يَحِلُّونَ رِحَالَهُمْ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمُ الرَّاهِبُ، حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رسول الله ﷺ ثم قَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَقَالَ الأَشْيَاخُ مِنْ قُرَيْشٍ: مَا عِلْمُكَ؟ فَقَالَ: إِنَّكْمُ حِينَ أَشْرَفْتُمْ عَلَى الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلا حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلا يَسْجُدَانِ إِلَّا لِنَبِيٍّ، وَإِنِّي لأَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسْفَلَ مِنْ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التِّفَّاحَةِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ وَكَانَ هُوَ فِي رِعْيَةِ الإِبِلِ قَالُوا: أَرْسِلُوا إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوهُ إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يُنَاشِدُهُمْ أَنْ لا يَذْهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ فَإِنَّ الرُّومَ إِنْ رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَيَقْتُلُونَهُ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا سَبْعَةٌ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جِئْنَا، أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيْهِ بِأُنَاسٍ، وَإِنَّا قَدْ أَخْبَرَنَا خبره، بعثنا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا، فَقَالَ: هَلْ خَلْفَكُمْ أَحَدٌ هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: إِنَّمَا أَخْبَرَنَا خَبَرَهُ بعثنا لِطَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَهُ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَبَايَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ

1 / 54