قال الأصمعي: إن رهط قيس قالوا لأبيه: لو خرجت به إلى الحج فتدعو الله لعله ينساها، فخرج به فبينا هو يرمي الجمار نادى مناد من بعض تلك الخيام: يا ليلى، فخر قيس مغشيًا عليه، ثم أفاق وأنشأ يقول:
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى ... فهيج أحزان الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ... أطار بقلبي طائرًا كان في صدري
إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها ... كما انتفض العصفور من بلل القطر
وهي قصيدة طويلة.
قيل: حبس المجنون مع ليلى في السجن فقيل له اخرج فقال لا أخرج لأن أكون مع الحبيب في السجن خير من الفراق فأخرج فجاء الناس يعزونه فقال ارتجالًا:
ليل الحبيب مع الحبيب نهار ... وكذاك أيام الوصال قصار
وقال أيضًا:
وسجني مع المحبوب فردوس جنتي ... وناري مع المحبوب في النار أنوار
وذكر إن سعيد بن الحاص؟ كان صديقه فعاتبه يومًا فقال له فضحت نفسك وعشيرتك فقال:
اريد لا نسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
فلا تلحننى يا سعيد فانني ... وحق إلهي هالك بقليل
قال كثير عزة: خرجت أريد قضاء حاجة لي فضللت الطريق فإذا أنا برجل قاعد فقلت إنسي أنت أم جني؟ فقال بل إنسي، فقلت ما أقعدك ها هنا؟ فقال إن هنا صيادًا فأحببت أن أنظر إلى صيده، فأنخت راحلتي قريبًا منه، فبينا نحن نتحدث إذ اضطرب الحبل فقام وقمت فإذا بظبية كأحسن ما يكون من الظباء واسمنهن، فاستخرجها برفق، وجعل يقبل خديها وعينيها ثم أرسلها وهو يقول:
1 / 49