علي بن العباس بن جريج الرومي: كان ملازمًا لأبي الحسين القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب، مخصوصًا به، فاتصل ذلك بعبيد الله وسمع هجاءه، فقال لولده أبي الحسين: أحب أن أرى ابن روميك هذا، فجمع بينهما فرأى رجلًا لسانه أطول من عقله، فأشار عليه بإبعاده، فقال: أخافه، قال: لم أرد إقصاءه ولكن بيت أبي أبي حية النميري:
فقلنا لها في السر نفديك لا يرح ... صحيحًا وإلا تقتليه فألممي
فحدث أبو القاسم ابن فراس بما كان من أبيه وكان ابن فراس من أشد الناس عداوة لابن الرومي فقال له: أنا أكفيكه، فسم له لوزينجة فمات، وسبب ذلك كثرة هجائه وبذاءته.
ودعبل بن علي الخزاعي: كان هجاء للملوك، جسورًا على أمير المؤمنين، متحاملًا، لا يبالي ما صنع، حتى عرف بذلك، وطار اسمه فيه، فصنع على لسانه بكر بن حماد التاهرتي، وقيل: غيره ممن كان دعبل يؤذيه ويهاجيه:
ملوك بني العباس في الكتب سبعة ... ولم تأتنا عن ثامن لهم كتب
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة ... كرام إذا عدوا، وثامنهم كلب
وقال قوم:
بل صنعها دعبل نفسه، وكان المعتصم يعرف بالثامن وبالمثمن أيضًا، فبلغه ذلك، فأمر بطلبه، ففر منه إلى بلد بالسودان بناحية المغرب وهي التي تعرف الآن بزويلة بني الخطاب فمات بها وهنالك قبره، وإلى جانبه قبر عبد الله ابن شيخنا أبي عبد الله محمد بن جعفر النحوي ﵀، هكذا يروى أصحابنا. وأما شعر البحتري فيشهد بخلاف هذا، وذلك أنه رثي دعبلًا وأبا تمام حبيبًا الطائي فقال في أبيات هجا فيها الخثعمي الشاعر:
1 / 72