لا يقبل الرشوة في حكمه ... ولا يبالي غبن الخاسر
فرواه الناس، وافترقوا وقد نفر عامر على علقمة بحكم الأعشى في شعره وكان في رأي هرم على قول أكثر الناس خلاف ذلك.
وإلى هذا وأشباهه أشار أبو تمام الطائي بقوله في صفة الشعر:
يرى حكمة ما فيه وهو فكاهة ... ويقضى بما يقضي به وهو ظالم
وكانت لرجل شهادة عند أبي دلامة، فدعاه إلى تبليغها عند القاضي بن أبي ليلى، فقال له: إن شهادتي لا تنفعك عنده، فقال الرجل: لا بد من شهادتك، فشهد عند القاضي وانصرف وهو يقول:
إذا الناس غطوني تغطيت دونهم ... وإن بحثوا عني ففيهم مباحث
فقضى القاضي على الخصم بشهادة أبي دلامة، وقبض المشهود له المال، وغرمه القاضي للمشهود عليه تحرجًا من ظلمه، ويقال: إنما شهد لطبيب عالج ولده من علة به، وأمره أن يدعي على من شاء بألف درهم، ففعل الطبيب وشهد أبو دلامة، وهذا أشبه بمجونه من الأول.
وذكر العتبي أن رجلًا من أهل المدينة ادعى حقا على رجل، فدعاه إلى ابن حنطب قاضي المدينة، فقال: من يشهد بما تقول؟ فقال: زنقطة، فلما ولي قال القاضي: ماشهادته له إلا كشهادته عليه، فلما جاء زنقطة القاضي قال له: فداك أبي وأمي، أحسن والله الشاعر حيث يقول:
من الحنطبيين الذين وجوههم ... دنانير مما شيف في أرض قيصرا
1 / 54