ومر بهم بعد ذلك فنبزوه، وأراد البيت فنسيه، فقال: غمض وإلا جاءك ما تكره، فكفوا عنه ولم يعرضوا له بعدها.
ومرت امرأة ببعض مجالس بني نمير فأداموا النظر إليها، فقالت:
قبحكم الله يا بني نمير! ما قبلتم قول الله ﷿: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " ولا قول الشاعر "
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبًا بلغت ولا كلابا
وهذه القصيدة تسميها العرب الفاضحة، وقيل: سماها جرير الدماغة، تركت بني نمير ينتسبون بالبصرة إلى عامر بن صعصعة، ويتجاوزون أباهم نميرًا إلى أبيه، هربًا من ذكر نمير، وفرارًا مما وسم به من الفضيحة والوصمة.
والربيع بن زياد، كان من ندماء النعمان بن المنذر، وكان فحاشًا عيابًا بذيًا سبابًا لا يسلم منه أحد ممن يفد على النعمان، فرمي بلبيد وهو غلام مراهق فنافسه وقد وضع الطعام بين يدي النعمان، وتقدم الربيع وحده ليأكل معه على عادته، فقام لبيد فقال مرتجلًا:
يا رب هيجا هي خير من دعة ... نحن بني أم البنين الأربعه
ونحن خير عامر بن صعصعه ... المطعمون الجفنة المدعدعه
والضاربون الهام تحت الخيضعه ... مهلًا أبيت اللعن لا تأكل معه
فقال النعمان: ولمه؟ فقال:
إن استه من برص ملمعه
فقال النعمان: وما علينا من ذلك؟ فقال:
إنه يولج فيها إصبعه
يولجها حتى يواري أشجعه ... كأنما يطلب شيئًا أودعه
ويروي أطمعه فرفع النعمان يده عن الطعام، وقال: ما تقول يا ربيع؟ فقال: أبيت اللعن كذب الغلام، فقال لبيد: مره فليجب، فقال النعمان: أجبه
1 / 51