178

Al-ʿUmda fī maḥāsin al-shiʿr wa-ādābih

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

Editor

محمد محيي الدين عبد الحميد

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

كثيرة لقربها منها؛ فقد قالوا مدح ومده، ولهنك تفعل كذا بمعنى لأنك، ومثل ذلك كثير.
والارتجال: مأخوذ من السهولة والانصباب، ومنه قيل: شعر رجل، إذا كان سبطًا مسترسلًا غير جعد، وقيل: هو من ارتجال البئر وهو أن تنزلها برجليك من غير حبل.
باب في آداب الشاعر
من حكم الشاعر أن يكون حلو الشمائل، حسن الأخلاق، طلق الوجه، بعيد الغور، مأمون الجانب، سهل الناحية، وطيء الأكناف، فإن ذلك مما يحببه إلى الناس، ويزينه في عيونهم، ويقربه من قلوبهم، وليكن مع ذلك شريف النفس، لطيف الحس، عزوف الهمة، نظيف البزة، أنفًا؛ لتهابه العامة، ويدخل في جملة الخاصة، فلا تمجه أبصارهم، سمح اليدين، وإلا فهو كما قال ابن أبي فنن واسمه أحمد:
وإن أحق الناس باللوم شاعر ... يلوم على البخل الرجال ويبخل
وإلى هذا المعنى ذهب الطائي بقوله:
أألوم من بخلت يداه وأغتدي ... للبخل تربًا؟ ساء ذاك صنيعا!!
والشاعر مأخوذ بكل علم، مطلوب بكل مكرمة؛ لاتساع الشعر واحتماله كل ما حمل: من نحو، ولغة، وفقه، وخبر، وحساب، وفريضة، واحتياج أكثر هذه العلوم إلى شهادته، وهو مكتف بذاته، مستغن عما سواه؛ ولأنه قيد للأخبار، وتجديد للآثار.

1 / 196