115

Cumda Fi Mahasin Shicr

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

Investigator

محمد محيي الدين عبد الحميد

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

وقال الجاحظ: كما لا ينبغي أن يكون اللفظ عاميًا، ولا ساقطًا سوقيًا؛ فكذلك لا ينبغي أن يكون وحشيًا، إلا أن يكون المتكلم به بدويًا أعرابيًا؛ فإن الوحشي من الكلام يفهمه الوحشي من الناس، كما يفهم السوقي رطانة السوقي. قال: وأنشد رجل قومًا شعرًا فاستغربوه، فقال: والله ما هو بغريب، ولكنكم في الأدب غرباء. وعن غيره: أن رجلًا قال للطائي في مجلس حفل وأراد تبكيته لما أنشد: يا أبا تمام، لم لا تقول من الشعر ما يفهم؟ فقال له: وأنت لم لا تفهم من الشعر ما يقال؟ ففضحه. ويروى أن هذه الحكاية كانت مع أبي العميثل وصاحبين له خاطباه فأجابهما. وقال بعض من نظر بين أبي تمام وأبي الطيب: إنما حبيب كالقاضي العدل: يضع اللفظة موضعها، ويعطي المعنى حقه، بعد طول النظر والبحث عن البينة، أو كالفقيه الورع: يتحرى في كلامه ويتحرج خوفًا على دينه. وأبو الطيب كالملك الجبار: يأخذ ما حوله قهرًا وعنوة، أو كالشجاع الجريء: يهجم على ما يريده لا يبالي ما لقي، ولا حيث وقع. وكان الأصمعي يقول: زهير والنابغة من عبيد الشعر، يريد أنهما يتكلفان إصلاحه ويشغلان به حواسهما وخواطرهما. ومن أصحابهما في التنقيح وفي التثقيف والتحكيك طفيل الغنوي. وقد قيل: إن زهيرًا روى له، وكان يسمى محبرًا لحسن شعره. ومنهم الحطيئة، والنمر بن تولب، وكان يسميه أبو عمرو بن العلاء الكيس. وكان بعض الحذاق بالكلام يقول: قل من الشعر ما يخدمك، ولا تقل منه ما تخدمه، وهذا هو معنى قول الأصمعي، وسأحلي هذا الباب من كلام السيد

1 / 133