al-ʿIqd al-manzum fi dikr afadil al-Rum
العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم
Publisher
دار الكتاب العربي - بيروت
Genres
فبعد مدة ورد عليه كتاب من قاسم باشا باني المدرسة المار ذكرها باني قد بنيت تلك المدرسة لاجلك وشرطت درسها لك ما دمت حيا فان لم تقبلها لاهدمنها من اساسها فاضطر المرحوم الى قبولها فاعطيت له ثانيا بخمسين فلما مضى عليه برهة من الزمان ابتلي بتعليم مصطفى خان بن السلطان سليمان خان فلما وصل اليه حل محلا رفيعا ومسندا منيعا وعلت كلمته وارتفعت مرتبته وكان لا يقطع امرا الا بمشورته ولا يفعل شيأ الا بمباشرته ومعرفته وبقي في اوفر جيش وارغد عيش حتى غضب ابوه وقصد دماره ثم قتله ومحا آثاره فلما قتل بحربة العذاب وتقطعت به الاسباب وقتل بعضهم السلطان وقهر فلا جرم تفرقوا من سطوته شذر مذر فلما رأى المرحوم من بدره افوله ساق الى دار الخمول حموله وتوجه ثانيا الى الانقطاع من الناس خوفا من حلول الباس فاستولى عليه من الفقر والفاقة مالا يحتمله طاقة وكان يكتب في بعض ازمانه ويقتات باثمانه وما اصدق من قال حيث ابان عن هذه الاحوال :
واني رأيت الدهر منذ صحبته
محاسنه مقرونة بمعايبه
اذا سرني اول الامر لم ازل
على حذر من غمه في عواقبه
ومع ذلك لم يظهر العجز والاسف وسار سيرة السلف وستر الحزن والكآبة وعمر مسجده وفتح بابه وأظهر الاهتمام في أداء وظائف الخدام حتى حكم فرقة من الناس بان هذه الحالات ليست الا محض الكرامات وقصد إليه بالنذور والقرابين ارباب السفن وطائفة الملاحين وكان رحمه الله
قد حفر قبره وتهيأ لمنونه وانتظره وادخر الفي درهم للتجهيز والتكفين وادى زكاته مدة عشر سنين ومات رحمه الله من مرض الهيضة سنة تسع وستين وتسعمائة وقبره رحمه الله تعالى عند مسجده في قصبة قاسم باشا يسر الله في عقباه ما شا وحزن الناس بموته وتبركوا بتربته وقد ذهب عمره بالتجرد والانفراد ولم يمل الى التوليد والاستيلاد وكان رحمه الله بهي المنظر لطيف المخبر حلو المحاضرة حسن المحاورة موصوفا بالعفة والصلاح
Page 344