Cilal Nahw
علل النحو
Investigator
محمود جاسم محمد الدرويش
Publisher
مكتبة الرشد
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
Publisher Location
الرياض / السعودية
Genres
Grammar and Morphology
جَازَ أَن يكْتَفى بِهِ عَن المفعولين، أَلا ترى أَن الْقَائِل يَقُول: زيد منطلق (٣٣ / ب) فَتَقول لَهُ: قد بَلغنِي ذَاك، تُرِيدُ بِهِ مَا تقدم من الْجُمْلَة، وَأما اقتصارهم ب (أَن) وَمَا بعْدهَا عَن المفعولين، فَلِأَن (أَن) تدخل على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، كدخول (ظَنَنْت) عَلَيْهِمَا، فَلَمَّا حصل بعد (أَن) مَا تَقْتَضِيه هَذِه الْأَفْعَال اسْتغنى الْكَلَام بذلك، لِأَن الْفَائِدَة قد حصلت، وَصَارَ دُخُول (أَن) لتوكيد الظَّن، وَأما إِذا أسقطت لفظ الْجُمْلَة بعد (أَن) وَجئْت بِلَفْظ الْمصدر لم يجز الِاقْتِصَار على ذَاك، إِذْ كَانَت لَيْسَ فِي لفظ الْجُمْلَة، وَإِنَّمَا هُوَ اسْم مُفْرد، وَقد بَينا أَن هَذِه الْأَفْعَال لدخولها على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر لَا يقْتَصر بهَا على مفعول وَاحِد.
وَفِي إِيجَاب المفعولين بعد هَذِه الْأَفْعَال عِلّة أُخْرَى، وَهُوَ أَن قَوْلك: حسبت زيدا مُنْطَلقًا، قد بَينا أَن الحسبان قد وَقع فِي الانطلاق، فَلَو اقتصرت على ذكر الانطلاق لم يعلم لمن هُوَ، وَلَو ذكرت (زيدا) وَحده كنت قد أتيت باسم لم يَقع فِيهِ شكّ، فاقتصرت عَلَيْهِ، وَلَا يجوز أَن تَأتي بِلَفْظ لَا فَائِدَة بِهِ، فَصَارَ كل وَاحِد من المفعولين لَا بُد لَهُ من الآخر، فاعرفه.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم صَار بعض هَذِه الْأَفْعَال قد يجوز أَن يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد مرّة، وَإِلَى اثْنَيْنِ، وَهُوَ: (ظَنَنْت وَرَأَيْت وَعلمت وَوجدت) وَالْقسم الثَّانِي لَيْسَ لَهُ إِلَّا طَريقَة وَاحِدَة؟
قيل لَهُ: لِأَن (حسبت وخلت) قد علمت أَن بَابهَا الشَّك، وَهُوَ التَّعَدِّي إِلَى مفعولين، وحولت (ظَنَنْت) من بَاب الشَّك إِلَى بَاب التُّهْمَة، إِذْ كَانَ ذَلِك إخراجا لَهَا عَن أَصْلهَا، وَجَوَاز هَذَا الْمَعْنى فِي وَاحِدهَا يُغني عَن سائرها، فَلهَذَا خَالَفت (ظَنَنْت) أخواتها.
1 / 288