وقد تكونت هذه النظرية بتأملات بارمنيدس والفيثاغوريين وأفلاطون وأرسطو وأفلوطين
1
ومن أعقبه من رجال الأفلاطونية الجديدة وثنيين ومسيحيين، وكان لها صدى واضح قوي لدى الفلاسفة الإسلاميين، وسنذكر عبارات لهم تدل على مشاركتهم فيها. (2) الواحد «يقال واحد لما هو غير منقسم من الجهة التي قيل له إنه واحد»،
2
فاسم «الواحد إنما يدل على سلب وهو عدم الانقسام».
3
وإذن فليس يزيد الواحد على الموجود شيئا ثبوتيا، بل نفي القسمة فقط، وليس النفي زيادة حقيقية. بيد أنه لما كان كل سلب إنما يستند إلى إيجاب، كان للواحد معنى إيجابي هو المقصود أولا، وهو ذات الموجود؛ فإن «الوحدة هي الوجود الخاص الذي به ينحاز كل موجود عما سواه».
4
من هذا التعريف يظهر لنا أن كل موجود فهو واحد؛ ذلك بأن الموجود إما بسيط أو مركب: فالبسيط ليس منقسما ولا قابلا للقسمة؛ وإذن فهو واحد، والمركب يصير موجودا واحدا حالما يتقوم بأجزائه. فوجود كل موجود قائم بعدم الانقسام، وعدم الانقسام راجع إلى وحدته من الجهة التي يعتبر منها واجدا، وكل موجود لكي يحفظ وجوده يجب أن يحفظ وحدته. وهذا معنى قول: إن الوجود والواحد متساوقان، أو إن الواحد مساو للموجود، أي إن: «كل ما يصح عليه قولنا إنه موجود، فيصح أن يقال له واحد، حتى إن الكثرة قد يقال لها كثرة واحدة»
5
Unknown page