305

Cadl Wa Insaf

العدل والإنصاف للوارجلاني

Genres

ومن الرأي رجوعهم إلى أحكام الكتمان. واعلم أن المسلمين نظروا حيث تغلب عليهم الجبابرة وضعفوا عن النصرة لدين الله رجعوا إلى أحكام الكتمان/ فتركوا أحكام الظهور رأيا وقياسا على كتمان رسول الله عليه السلام الذي جرى عليه قبل الهجرة فجعله المسلمون مسلكا من مسالك الدين. فمن حرمه أخطأ ومن حكم فيه بأحكام الظهور أخطأ. قال الله تعالى: { والذين جاهدوا.......... المحسنين } (¬1) وقال: { وما جعل عليكم في الدين من حرج } (¬2) وقال رسول الله عليه السلام: »فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن« (¬3) .

فصل

ثم التفرقة وقعت في أحكام الكتمان. وأبطلوا في الكتمان من أحكام الظهور أمورا وقصروها على الأئمة إذا ظهرت وهي الحدود من الجلد والقطع والرجم واللعان. أما الجلد ففي القاذف والزاني البكر والإماء المحصنات الزواني. وأما القطع ففي السارق والمحاربين والقصاصات. وأما الرجم ففي محصيني الزناة. وألحقوا/ بهذه الأمور إقامة الجمعة. واختلفوا في الجهاد فأجازه بعض وأبطله بعض، فهذا رأي المسلمين. وأما من لا يجيز الرأي والقياس فإنه يجيز هذه الأمور كلها للولاة والأئمة في الدين أن يقيموها وهذه الأئمة سواء كانت بررة أو فجرة. ثم إن الأولين نقموا على هؤلاء أمثال الأفعال في هذه الأمور ولم يقطعوا العذر في الفتوى. وتوقفوا أيضا فيمن فعل بعض هذه الأمور ولم يقطعوا مثل من أقام الجمعة أو جاهد مع الأئمة الجورة. وأجازوا فنون القتل في الظهور والكتمان إلا الرجم، ولم يبطلوا منها شيئا إلا ما ذكرنا بل أوجبوا في الكتمان رأيا وقياسا على من لا يجب عليه إلا الحد بشرط أن يشتهر بفعل ذلك وحملوه على سبيل

Page 306