134

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Genres

فتعجب مسعود لترددها وهو لا يرى حاجة إلى الكنيسة لأنه لا يعلم بما أنبأها به الراهب في دير البصرة، فقال: «ما لنا وللكنائس؟! هيا بنا إلى الخان ومنه إلى الكوفة فقد علمت أن الإمام عليا وسائر الصحابة هناك.»

فتنهدت وقالت: «نعم، إنهم جميعا هناك ولكن لي في هذه الكنيسة غرضا يهمني، وإنما جئت دمشق من أجله ولا بد لي من إتمامه، ولكني أرى ذهابي إلى الكنيسة في آخر هذا الليل مما يوجب شبهة أو تساؤلا، والكنيسة والمسجد متلاصقان أو هما بناء واحد، فأرى أن أمضي بقية هذا الليل في الخان لأرى الخادم وأدبر أموره ثم أسير إلى الكنيسة.» ثم مشت ومسعود إلى جانبها فسألته: «هل أنت عازم على الذهاب إلى الكوفة؟» قال: «نعم، إن شاء الله.»

قالت: «إذا لم يكن بد من ذلك، فأوصيك بأن تبلغ الإمام ورجاله ما فيه أهل الشام من النقمة لعثمان والمطالبة بدمه.» وقصت عليه ما رأته في المسجد من التحريض والتهديد بالأصابع والقميص، إلى أن قالت: «واذكر لهم أني باقية هنا بضعة أيام ريثما تتم مهمتي.»

الفصل الثامن عشر

موقعة صفين

رأى الإمام علي بعد أن انتصر في وقعة الجمل ونزل البصرة فبايعه أهلها، أن يستعمل عليها عبد الله بن عباس، ثم سار إلى الكوفة فنزلها. وانتظم له الأمر بالعراق ومصر واليمن والحرمين وفارس وخراسان وبايعه أهلوها، ولم يبق خارجا عليه إلا الشام وفيها معاوية وأهل الشام مطيعون له في المطالبة بدم عثمان.

وكان علي قد ولى على مصر قيسا بن سعد بن عبادة وهو من خيرة [الأنصار] ودهاة العرب، وكان في مصر جماعة ب «خربتا» يرون غير رأيه ويطالبونه بدم عثمان ولكنهم معتزلون لا يتحركون لحرب، فرأى قيس من السياسة والدهاء أن يكف الحرب عنهم ويداهنهم لئلا ينضموا إلى معاوية.

وكان معاوية قد كتب إلى قيس يستميله ويبذل له الوعود الخلابة فلم يجبه، فاصطنع معاوية على لسان قيس كتابا قرأه على الناس في الشام يوهمهم أن قيسا معه وأنه لذلك لم يقاتل المعتزلين في خربتا، فبلغ ذلك عليا فصدق الوشاية في قيس وعزله عن مصر وولى محمدا بن أبي بكر.

ولم يكن لعلي شاغل يشغله بعد وقعة الجمل إلا معاوية وجنود الشام، فرأى أن يبعث إليه يطلب بيعته فبعث إليه جريرا بن عبد الله البجلي ليطلب منه الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار، فسار جرير إلى الشام فماطله معاوية مدة ريثما أراه حال أهل الشام وما يقاسونه من البكاء والعويل عند قميص عثمان وأصابع نائلة، فرجع جرير بالخبر إلى علي فعلم أن لا بد من الحرب، فسار من الكوفة إلى الشام في جيش عظيم، وقد علم بما تحالف عليه معاوية وعمرو. وسار معاوية وعمرو من الشام يطلبان عليا ولكنهما أبطأا السير حتى التقى الجيشان في «صفين»، ودخلت سنة 37ه والجمعان في صفين.

وصفين هذه موضع بقرب «الرقة» على شاطئ الفرات الغربي، أمام «الرقة» على الضفة الشرقية. وبين صفين والكوفة نحو ثلاثمائة ميل أو أكثر.

Unknown page