وظاهر من مقال الخليفة في ذي القصة أنه لم يكن على يقين من عداء بني تميم. أو من ضرورة القتال في أرضهم، وإنما كان يعلق الأمر على موقفهم عند وصول جيش المسلمين إليهم، وبخاصة بعد وفود زعماء منهم بإعلان الطاعة وإيتاء الزكاة.
وليس أدل من هذا على أن الصديق - رضي الله عنه - قد كان يعمل عمله في حروب الردة جميعا وهو على استطلاع وثيق وعلم واف بأحوال كل طائفة من المرتدين، وإن من دواعي انتصاره وفاء أخباره بحاجات القتال، ونقص أخبار المسلمين عند القبائل المرتدة بعيدها وقريبها على السواء.
فتقديره لموقف بني أسد منذ البداية كان أصح تقدير.
وكذلك كان تقديره لموقف بني حنيفة في اليمامة.
ومثل هذين في صحة الإلمام بالأحوال المختلفة شكه في ضرورة القتال بالبطاح، وتعليقه القتال مع مالك بن نويرة على شرط، وتخصيصه مالكا بالذكر دون الآخرين من زعماء بيوت بني تميم.
فالواقع في أمر بني تميم - كما نعلمه اليوم - أنهم لم ينطووا على خطر جسام، وإن اختلفت في نياتهم الظنون.
وتاريخهم قبل الإسلام بعشرات السنين؛ يؤكد هذه الحقيقة، ويوحي إلى الخليفة رأيه الذي ارتآه.
كانوا في أجهل أيام الجاهلية في طليعة العرب كثرة ومنعة وسعة بلاء ووفرة ماء ومرعى.
وكانوا يجترئون على المغامرات التي تفرق
2
Unknown page