وحينما قامت الحركة الاشتراكية الدولية في القرن الماضي في مواجهة الرأسمالية؛ لتحرير كل المستغلين سواء من عمال الغرب أو شعوب الشرق، سخرت الرأسمالية كل الجهود والوسائل لتشتيت صفوفها، ولعبت دورا كبيرا في انشقاقها إلى اشتراكيين «ديموقراطيين» وطنيين وإلى ماركسيين شيوعيين اتهموا بالأممية والدكتاتورية، وخيانة الاشتراكية الحقيقية!
وضوعفت الجهود وبلغت ذروتها بعد الحرب العالمية الثانية وبعد انتصار الاشتراكية «الماركسية» في مجموعة كبرى من دول العالم، وبعد انتصار الثورة الوطنية في معظم المستعمرات وتطلع شعوبها إلى ثورة اشتراكية جديدة.
ويحرص الغرب كل الحرص على تصدير هذه الاستراتيجية إلى بلاد العالم الثالث، حيث تبلغ المشكلة الاجتماعية ذروتها، وحيث تتطلع الشعوب إلى الحل الثوري الاشتراكي.
ومن هنا تتعلم قوى الثورة المضادة في العالم الثالث اللعبة بحماس.
وحينما قهر اليساريون في فرنسا خلافاتهم الحقيقية والمصطنعة، وقام ائتلاف وتحالف بين الاشتراكيين والشيوعيين واستطاعوا أن يكسبوا نصف فرنسا في الانتخابات، وكادوا أن يصلوا إلى قمة السلطة، واعتبر هذا أخطر تحد واجهته البورجوازية الفرنسية، وتجمعت إزاءه كل من البورجوازية الأطلنطية المؤمنة بالولايات المتحدة والحلف الغربي، والبورجوازية الديجولية «الوطنية» المؤمنة بفرنسا وأوروبا. ذلك أن قيام فرنسا اشتراكية ديموقراطية في ظل حلف يساري عام هي بداية ثورة فرنسية اشتراكية جديدة. تسري إلى أوروبا، كما حدث في الثورة الفرنسية الأولى!
والآن، ماذا عن مصر؟ وهل يمكن أن تتكرر القصة؟
التحالف ليس بدعة
إن معظم خلافات اليسار في مصر بيزنطية أكاديمية لا أساس لها، وغير ذات موضوع.
لقد وقف أنجلز يؤبن كارل ماركس على قبره يوم وفاته فقال: «إن أعظم اكتشاف اكتشفه كارل ماركس هو أن الإنسان لا بد له أن يأكل ويشرب وينام تحت سقف؛ لكي يفكر ويتفلسف ويتدين.» وهذا هو جوهر الاشتراكية الذي يتفق عليه الناصريون والماركسيون والمؤمنون والماديون أو الذي يجب أن يتفقوا عليه في بلد 99٪ من أهله يحلمون بهذا فقط.
وأشد ما يثير جزع اليمين في مصر هو وحدة قوى اليسار حول هذه القضية، وأن تتمخض عن مزيد من الأفكار والحلول لها.
Unknown page