Bayna Din Wa Falsafa
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genres
3
ثم درس الطب أيضا وكان يرجع إلى رأيه فيه كما يرجع إلى رأيه في الفقه، وله فيه كتابه المشهور «الكليات»، ألفه لما كان بينه وبين أبي مروان بن زهر من مودة وألفة وثيقة، والذي ألف في الطب كتابا في الجزئيات، وذلك لتكون جملة كتابيهما عملا كاملا في صناعة الطب.
4
ثم سمت همة ابن رشد إلى تعلم الفلسفة وعلوم الأوائل ، ووصل منها إلى ما لم يدركه سواه، «فكانت له فيها الإمامة دون أهل عصره.»
5
وقصارى القول: صار - كما يقول ابن الأبار - عديم النظير في الأندلس كمالا وعلما وفضلا، كما عرف بالعناية الشديدة بالعلم من صغره إلى كبره، حتى حكي عنه أنه لم يترك الدراسة منذ عقل إلا ليلة وفاة أبيه، وليلة زواجه.
ويقول عنه «مونك» بحق: «إنه كان واحدا من أشهر العلماء في العالم الإسلامي، ومن أكثر شراح مؤلفات أرسطو عمقا، كما كان أحد مشاهير الكتاب وأكثرهم خصبا وإنتاجا، ولا عجب، فقد عاش كما يقول «رينان» في بيئة علمية عالية جمعت مشاهير عصره.» وكان يعينه في ذلك استعداد طيب كبير وطبع موات أصيل.
ولا نود أن نقف طويلا فيما يختص بسير ابن رشد في دراساته وتدرجه فيها عند العلماء والشيوخ الذين أخذ عنهم بالتفصيل؛ وذلك لأننا نعتقد أن الأمر جرى على سنة أمثاله، أي إنه أخذ العلم عن والده وشيوخ عصره المتميزين، فقد درس الفقه على والده، كما قلنا آنفا، وعن أبي القاسم بن بشكوال، وأبي مروان بن مسرة، وأبي بكر بن سحنون، وغيرهم من شيوخ الفقهاء.
6
كما درس التعاليم (الرياضيات) والطب على أبي جعفر بن هارون الترجالي الذي لازمه مدة، وأخذ عنه كثيرا من العلوم الحكمية.
Unknown page