Bayna Din Wa Falsafa
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genres
ابن رشد
حياته - نكبته - مؤلفاته (1) حياته
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد، من أكبر فلاسفة الإسلام، الشهير بالشارح (أي: شارح أرسطو) وبالحفيد، ولد بقرطبة سنة (520ه/1126م) من أسرة لها منذ زمن طويل المركز العالي المرموق في العلم والقضاء، فجده - ويعرف مثله بابن رشد - كان قاضي القضاة بالأندلس كلها، وأمير الصلاة بالمسجد الجامع بقرطبة، ولم يصل بالصدفة لهذا المركز الخطير؛ فقد كان - كما يقول ابن بشكوال - فقيها عالما حافظا للفقه، مقدما فيه على جميع أهل عصره، وكان الناس يلجئون إليه ويعولون في مهماتهم عليه،
1
إذ كان مع رياسته في العلم من أشهر أصحاب النفوذ والجاه في عهد المرابطين.
وبعد أن تقلد القضاء مدة غير قصيرة استعفى منه، فأجيب إلى طلبه، فتوفر على نشر كتبه وتواليفه ومسائله وتصانيفه، ومن أهم كتبه مجموع فتاويه المحفوظ بالمكتبة الأهلية بباريس.
هذا جده؛ أما والده فكان له على ما يقال ما يشبه هذا المركز في العلم والقضاء، وقد ولد على ما يرويه ابن بشكوال سنة 487ه وتوفي سنة 563ه، ومن الأقوال المأثورة في شرفه ومنزلته أنه يكفيه أن يكون ابن ابن رشد الجد وأبا ابن رشد الحفيد! •••
وقد ولد فيلسوفنا سنة 520ه/1126م بمدينة قرطبة، وهي سوق العلم ومركز العلماء في ذلك الحين، فقد روى المقري أنه «جرت مناظرة في مجلس ملك المغرب المنصور يعقوب، بين الفقيه أبي الوليد ابن رشد وبين الرئيس أبي بكر ابن زهر، فقال ابن رشد لابن زهر في تفضيل قرطبة: ما أدري ما تقول! غير أنه إذا مات عالم بإشبيلية؛ فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإذا مات مطرب بقرطبة فأريد بيع آلاته حملت إلى إشبيلية.» ثم يختم راوي هذه المناظرة الطريفة الكلام بقوله: «وقرطبة أكثر بلاد الله كتبا.»
2
نشأ ابن رشد في هذا الوسط العلمي، فدرس ما يدرس أمثاله من الفقه والتوحيد ونحوهما من العلوم الإسلامية، واستظهر على أبيه أبي القاسم «الموطأ» وهو الكتاب الأول والأساسي لمذهب الإمام مالك، فصار في ذلك كله وحيد عصره، ونال مع ذلك حظا وافرا من اللغة والأدب، فكان كما يقول ابن الأبار يحفظ أشعار حبيب والمتنبي، ويكثر غالبا التمثل بها في دروسه ومجالسه.
Unknown page