Bayna Din Wa Falsafa
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genres
26
وفي المسألة الرابعة:
عمل على التدليل على أن الارتباط بين ما يسمى سببا وما يسمى مسببا ليس ضروريا على خلاف ما يرى الفلاسفة، وهذا لتكون المعجزات النبوية ممكنة، وذلك ببيان أن احتراق القطن - مثلا - إذا لامس النار لا يدل على أن الاحتراق هو من النار وبها حقيقة، بل لا يدل إلا على حدوث الاحتراق عند الملامسة، أما السبب فهو الله الذي خلق الاحتراق عند الملامسة، والذي يجوز أن يخلق ما يسمى مسببا بدون ما يسمى سببا.
27
ويذكرنا ما ذهب الغزالي إليه في هذه المشكلة بما ذهب إليه كل من مالبرانش في القرن السابع عشر وهيوم من بعده، أي: نفي الارتباط الضروري بين ما يسمى سببا وما يسمى مسببا.
إن «هيوم» يقول بأن التجربة ترينا فقط أن واقعة ما ينتج عنها أخرى دون أن يبين لنا ارتباطا ضروريا بينهما، أي: الارتباط الذي يراد بهذا التعبير: علاقة السببية.
28
بل إن «مالبرانش» يصرح بأن السبب الحقيقي الذي يوجد الشيء به هو الله وحده، فإن السبب الحقيقي في رأيه هو ما يرى العقل ارتباطا ضروريا بينه وبين ما ينتج عنه، وهذا ما لا يراه العقل إلا لله الذي يكون عن إرادته وحدها كل شيء، ولا يمكن أن يجعل الله هذه القوة لشيء مما خلق ، وإلا لتعددت الآلهة الخالقة.
29
ومن ثم فإن الإنسان حين يحرك ذراعيه مثلا، يفعل هذا بقوة ليست في الحق منه.
Unknown page