وينفعون ويضرون وهم جثث بالقبور صارت أجسامهم إلى الفنا والبلا فكيف ذهب الشيطان بعقول هؤلاء المشركين إلى أن بلغ بهم إلى أن نزلوا المخلوق منزلة الخالق والعبد العاجز منزلة المعبود القاهر فوق عباده ونزلوا الميت منزلة الحي القيوم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض فجعلوهم شركاء لله في الإلهية والربوبية والملك وفي علم الغيب واعتقدوا فيهم أنهم يسمعون من دعاهم من الأماكن البعيدة وهم أموات رفات وقد قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ، أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ الآية [النحل:٢٠ـ٢١] فترك هؤلاء المشركون الإيمان بالقرآن ونبذوه وراء ظهورهم واعتقدوا المحال الذي أحالته العقول الصحيحة وأنكرته الفطر السليمة المستقيمة وإذا كان المدعو في حال حياته واجتماع حواسه وحركاته لا يسمع من دعاه على البعد ولو مسيرة فرسخ فكيف يجوز في عقل من له أدنى مسكة من عقل أنه إذا مات وفارقت روحه جسده وذهبت حواسه وحركته بالكلية وصار رهينا في الثرى جسدًا بلا روح أنه والحالة