Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh
البحر المحيط في أصول الفقه
Publisher
دار الكتبي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
القاهرة
أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ قَوْلَ أَهْلِ الْكَلَامِ: إنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ النَّظَرُ، وَقَالُوا: إنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ مَعْرِفَةُ اللَّهِ عَلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ. وَلَوْ قَالَ الْكَافِرُ: أَمْهِلُونِي؛ لِأَنْظُرَ فَأَبْحَثَ فَإِنَّهُ لَا يُمْهَلُ، وَلَا يُنْظَرُ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ: أَسْلِمْ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ مَعْرُوضٌ عَلَى السَّيْفِ. قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ: انْتَهَى، وَهُوَ عَجِيبٌ، فَقَدْ حَكَوْا فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا تَعَيَّنَ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ، فَقَالَ: عَرَضَتْ لِي شُبْهَةٌ فَأَزِيلُوهَا؛ لِأَعُودَ إلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ. هَلْ يُنَاظَرُ لِإِزَالَتِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَقَالَ: الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي الْمُعْتَمَدِ ": إذَا تَرَكَ الْمُكَلَّفُ أَوَّلَ النَّظَرِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ عَلَيْهِ، وَعَلَى تَرْكِ مَا بَعْدَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى تَرْكِ النَّظَرِ الْأَوَّلِ عِقَابًا أَعْظَمَ مِنْ عِقَابِ تَرْكِ النَّظَرِ الثَّانِي: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّمَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ فِعْلِ الْأَوَّلِ غَيْرَ أَنَّ عِقَابَهُ عَظِيمٌ يَجْرِي مَجْرَى الْعِقَابِ عَلَى تَرْكِ كُلِّ النَّظَرِ.
[مَسْأَلَةٌ النَّظَرُ الْفَاسِدُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ]
َ] قَدْ سَبَقَ أَنَّ النَّظَرَ الْفَاسِدَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يَسْتَلْزِمُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْفَسَادَ إنْ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الْمَادَّةِ اسْتَلْزَمَ الْجَهْلَ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْعَالَمَ قَدِيمٌ، وَاعْتَقَدَ أَنَّ كُلَّ قَدِيمٍ غَنِيٌّ عَنْ الْغَيْرِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْعَالَمَ غَنِيٌّ عَنْ الْمُؤَثِّرِ، وَهُوَ جَهْلٌ مُحَالٌ. وَإِنْ
1 / 72