67

Bahr Muhit

البحر المحيط في أصول الفقه

Publisher

دار الكتبي

Edition Number

الأولى

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

القاهرة

[مَسْأَلَةٌ النَّظَرُ وَاجِبٌ شَرْعًا] النَّظَرُ وَاجِبٌ شَرْعًا. قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَامَ عَلَى وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِالنَّظَرِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَصَحُّ: أَنَّ النَّظَرَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا شَاكِّينَ فِيمَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ فَيَلْزَمُهُمْ الْبَحْثُ عَنْهُ، وَالنَّظَرُ فِيهِ إلَى أَنْ يَعْتَقِدُوهُ، أَوْ يَعْرِفُوهُ. قَالَ: وَمَعْرِفَةُ ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِالْخَاصَّةِ، وَهُمْ قَائِمُونَ بِهِ عَنْ الْعَامَّةِ لَا فِي تَعْرِيفِ ذَلِكَ لَهُمْ وَمِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِنَّمَا هُمْ مُكَلَّفُونَ بِاعْتِقَادِهِ، وَقَالَ بَعْضُ نُبَلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ: هَذَا الَّذِي قَالُوهُ مِنْ وُجُوبِ النَّظَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ ابْتِدَاءً غَيْرُ عَارِفٍ بِاَللَّهِ حَتَّى يَنْظُرَ، وَيَسْتَدِلَّ، فَيَكُونُ النَّظَرُ أَوَّلَ الطَّاعَاتِ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ قَطُّ إنْسَانٌ إلَّا وَهُوَ يَعْرِفُ رَبَّهُ ﷿، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُقِرًّا حَتَّى يَنْظُرَ وَيَسْتَدِلَّ. اللَّهُمَّ إلَّا مَنْ عَرَضَ لَهُ مَا أَفْسَدَ فِطْرَتَهُ ابْتِدَاءً، فَيَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى النَّظَرِ. نَعَمْ النَّظَرُ الصَّحِيحُ يُقَوِّي الْمَعْرِفَةَ، وَيُثَبِّتُهَا فَإِنَّ الْمَعَارِفَ تَزِيدُ وَتَنْقُصُ عَلَى الْأَصَحِّ. قُلْتُ: وَهَذَا جُمُوحٌ إلَى أَنَّ الْمَعْرِفَةَ ضَرُورِيَّةٌ لَا نَظَرِيَّةٌ، وَالصَّحِيحُ:

1 / 69