Bahr Muhit
البحر المحيط في أصول الفقه
Publisher
دار الكتبي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
القاهرة
خَطَأٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْمُصَوِّبَةُ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الدَّلِيلِ عَلَى الظَّنِّيِّ، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْلُومِ وَالْمَظْنُونِ، فَأَمَّا فِي أَصْلِ الْوَضْعِ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْجَمِيعَ يُسَمَّى دَلِيلًا وَضْعًا. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ: الْفُقَهَاءُ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُتَكَلِّمُونَ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ عِيَارِ النَّظَرِ ": قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ: مَعْنَى الدَّلِيلِ مُظْهِرُ الدَّلَالَةِ، وَمِنْهُ دَلِيلُ الْقَوْمِ، وَقَالَ: إنَّ تَسْمِيَةَ الدَّلَالَةِ دَلِيلًا مَجَازٌ، وَإِنْ كَانَ إذَا قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ الدَّلِيلُ مُظْهِرَ الدَّلَالَةِ، لَوَجَبَ عَلَى الْمَسْئُولِ عَنْ الدَّلَالَةِ إذَا قِيلَ لَهُ: مَا الدَّلِيلُ؟ أَنْ يَقُولَ: أَنَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُظْهِرُ لِلدَّلَالَةِ. أَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: مَنْ الدَّلِيلُ؟ قَالَ: أَنَا وَإِذَا وَقَعَ السُّؤَالُ بِحَرْفِ " مَا " عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السُّؤَالُ عَنْ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ " مَا " إنَّمَا يُسْأَلُ بِهِ عَمَّا لَا يُوصَفُ بِالتَّمْيِيزِ. وَقَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ: إنَّ الدَّلِيلَ هُوَ الدَّلَالَةُ، وَهُوَ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ مَا لَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ وَالضَّرُورَةِ، وَعَلَى هَذَا فَتَسْمِيَةُ الدَّالِّ عَلَى الطَّرِيقِ دَلِيلًا مَجَازٌ. اهـ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: الدَّلَالَةُ مَصْدَرُ قَوْلِك: دَلَّ يَدُلُّ دَلَالَةً وَيُسَمَّى دَلِيلًا مَجَازًا مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ. كَقَوْلِهِمْ: رَجُلٌ صَوْمٌ
1 / 53