Bahr Muhit
البحر المحيط في أصول الفقه
Publisher
دار الكتبي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
القاهرة
[مَفْهُوم الدَّلِيلُ]
الدَّلِيلُ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الرُّشْدُ لِلْمَطْلُوبِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ فَاعِلُ الدَّلَالَةِ، وَمُظْهِرُهَا، فَيَكُونُ مَعْنَى الدَّلِيلِ الدَّالَّ " فَعِيلٌ " بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، كَعَلِيمٍ وَقَدِيرٍ مَأْخُوذٌ مِنْ دَلِيلِ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّهُ يُرْشِدُهُمْ إلَى مَقْصُودِهِمْ قَالَ الْقَاضِي: وَالدَّالُّ: نَاصِبُ الدَّلَالَةِ وَمُخْتَرِعُهَا، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَمَنْ عَدَاهُ ذَاكِرُ الدَّلَالَةِ. وَعِنْدَ الْبَاقِينَ الدَّالُّ ذَاكِرُ الدَّلَالَةِ، وَاسْتُبْعِدَ، إذْ الْحَاكِي وَالْمُدَرِّسُ لَا يُسَمَّى دَالًّا، وَهُوَ ذَاكِرُ الدَّلَالَةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الدَّالُّ ذَاكِرُ الدَّلَالَةِ عَلَى وَجْهِ التَّمَسُّكِ بِهَا. وَيُسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى دَلِيلًا بِالْإِضَافَةِ. وَأَنْكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِ " الْحُدُودِ "، قَالَ: وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى: يَا دَلِيلَ الْمُتَحَيِّرِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الْعَكَّاكِينَ. وَحَكَى غَيْرُهُ فِي جَوَازِ إطْلَاقِ الدَّلِيلِ عَلَى اللَّهِ وَجْهَيْنِ مُفَرَّعَيْنِ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ هَلْ تَثْبُتُ قِيَاسًا أَمْ لَا؟ لَكِنْ صَحَّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَدْعُوَ، فَيَقُولَ: يَا دَلِيلَ الْحَيَارَى دُلَّنِي عَلَى طَرِيقِ الصَّادِقِينَ. الثَّانِي: مَا بِهِ الْإِرْشَادُ، أَيْ: الْعَلَامَةُ الْمَنْصُوبَةُ لِمَعْرِفَةِ الدَّلِيلِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: الْعَالَمُ دَلِيلُ الصَّانِعِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ: حَقِيقَةُ الدَّلِيلِ: الدَّالُّ، وَقِيلَ: بَلْ الْعَلَامَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمَدْلُولِ بِنَاءً عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَعْنَيَيْنِ فِي اللُّغَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلدَّالِ
1 / 50