Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh
البحر المحيط في أصول الفقه
Publisher
دار الكتبي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
القاهرة
كَذِبُهَا فَيَكُونَ إخْفَاؤُهَا أَرْوَجَ لِلْمُغَالَطَةِ. هَذَا إذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ الْكُبْرَى. فَإِنْ حُذِفَتْ الصُّغْرَى سُمِّيَ قِيَاسَ الرَّمْيِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢] فَحُذِفَتْ الْمُقَدِّمَةُ الِاسْتِثْنَائِيَّةُ النَّاطِقَةُ بِرَفْعِ الثَّانِي، وَهِيَ " لَكِنَّهُمَا لَمْ تَفْسُدَا " ﴿إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا﴾ [الإسراء: ٤٢] فَحُذِفَ مِنْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْتَغُوا.
[مَسْأَلَةٌ الْمَوْضُوعُ وَالْمَحْمُولُ]
ُ] وَكُلٌّ مِنْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ يَنْقَسِمُ إلَى مَوْضُوعٍ وَمَحْمُولٍ. أَيْ: مَحْكُومٍ عَلَيْهِ وَمَحْكُومٍ بِهِ. قَالُوا: وَالنُّحَاةُ يُسَمُّونَهُمَا الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ. قَالَ الْمَنْطِقِيُّونَ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِسْبَةِ تَوَسُّطٍ بَيْنَ الْمَحْمُولِ وَالْمَوْضُوعِ، وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ قَضِيَّةٌ. وَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ يُسَمَّى رَابِطَةً، فَإِنْ صُرِّحَ بِهَا كَقَوْلِنَا: زَيْدٌ هُوَ كَاتِبٌ سُمِّيَتْ ثُلَاثِيَّةً، وَإِنْ أُسْقِطَتْ اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ الْمَعْنَى نَحْوَ زَيْدٌ كَاتِبٌ سُمِّيَتْ ثُنَائِيَّةً، وَهِيَ: الرَّابِطَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدَوَاتِ فِي غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ. أَمَّا لُغَةُ الْعَرَبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا أَدَاةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا اسْمًا عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ فِي ضَمِيرِ الْفَصْلِ، وَقَدْ رَدَّ السُّهَيْلِيُّ فِي " نَتَائِجِ الْفِكْرِ " قَوْلَ الْمَنَاطِقَةِ فِي هَذَا بِإِجْمَاعِ النَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ إذَا كَانَ اسْمًا مُفْرَدًا جَامِدًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى رَابِطَةٍ تَرْبِطُهُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ يَعْرِفُ أَنَّهُ مُسْنَدٌ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَانَ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ،
1 / 154