فصل [في الأدلة على حجية إجماع أهل البيت {ع)] في الأدلة على كون إجماع أهل البيت خاصة عليهم السلام حجة قاطعة، فمنها قوله تعالى:[ ] {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}(1) فأخبر الله تعالى أنه يريد أن يفعل ذلك بهم وما أراد الله سبحانه أن يفعله فلا مانع له تعالى من فعل ما أراد أن يفعله وللرجس الذي أخبر الله تعالى أنه يذهبه عنهم معنيان لا غيرهما، رجس نجاسة القذارات، ففيهم من ذلك مثلنا في غيرهم بالإجماع، والمعنى الثاني من إذهاب الرجس هو إذهاب رجس كبائر المعاصي وصغائرها، والآية محكمة قطعية غير منسوخة بالإجماع، فلو بطل المعنى الثاني لكان رد الآية من القرآن وإبطالا لمعناها بغير دليل [22أ] وذلك {أعني إبطال معنى القرآن بغير دليل) كفر بالإجماع ورده كفر بالإجماع، ومن المعلوم أن لهم شهوات للمعاصي كغيرهم فعرفنا لما أخبر الله تعالى على سبيل القطع أنه تعالى يذهب الرجس عنهم أن إذهابه له عنهم بسبب اجتنابهم فعل الكبائر والصغائر باختيارهم ومخالفة هوى نفوسهم وإلا فلو كان إلجاء لم تكن فيه فضيلة ولا مدح، لأن الله تعالى لا يمدح المخلوق على فعله تعالى فثبت بذلك عصمة جماعتهم قطعا لئلا يبطل معنى كلام الحكيم تعالى بغير دليل، وإنما قلنا جماعتهم، لأن الله تعالى يقول فيهم: {فمنهم ظالم لنفسه}، وقد وجدنا من أفرادهم المعاصي بإجماع السابق والمقتصد والنساء والعدول المجتهد وغير المجتهد من أهل البيت عليهم السلام حجة قاطعة لا يجوز مخالفتها إذا علمت إلى يوم القيامة ولو لم تنضاف إليهم الأمة والمعتبر أهل كل عصر منهم بعصره، ومن المعلوم أن خلفهم لا يجمع على خلاف سلفهم وآبائهم، والذي يدل على أن إجماع أهل البيت عليهم السلام حجة قاطعة أكيدة لا يجوز لمكلف مخالفتها باجتهاده هذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث القطعية، فمن ذلك آية المودة وهي قوله تعالى: [ ] {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}(1) وهم المقصودون في الآية؛ لأنهم قرباؤه صلى الله عليه وآله وسلم بالإجماع وغيرها من الآيات، ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى))(2) وقوله صلى الله عليه وآله: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض))(3) دل ذلك على استمرار وجوب التمسك بهم ما بقي التكليف، ودل على أنهم باقون على الحق إلى أن يزول التكليف؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قرنهم بما يجب التمسك به إلى آخر التكليف وهو كتاب الله وبما هو باق بين أظهرهم لا يخرج عنه الحق أبدا، فكذلك ما قرن به من جماعة آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمعتبر التمسك بعلماء أهل العصر منهم، ودل ذلك على أن حكم الخلف من أهل البيت عليهم السلام حكم السلف من عصمة جماعته ووجوب التمسك بهم؛ لأنه قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((لن يفترقا حتى يردا علي الحوض))(1) فكما أنه يجب التمسك بالقرآن بالاتباع والتشريف والتقديم على رأي كل أحد، فكذلك يجب أن يكون لعترته ولذريته صلى الله عليه وآله وسلم وهم الأربعة المعصومون ومن تفرع منهم إلى يوم القيامة حكم القرآن في تقديم إجماعهم واتباعهم وأخذ العلم عنهم وتشريفهم وتقديمهم، إذ لا يفرق بين القرينين بغير دليل إجماعا والله أعلم .
فصل [الحجة الخامسة: القياس]
Page 99