233

Al-Badr al-Munīr fī maʿrifat Allāh al-ʿAlī al-Kabīr

البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير

فإن تيسر له ما يدفع الضرر بالتلف من فضل الله تعالى في القفار وجبت الهجرة إليها وألا يحصل له ما يسد به الفاقة في القفار أو كانت بلد سباع أو أكراد فهجرته بيته بحيث لا يرى منكرا ولا يسمعه ولا يرد عن فعل ما بينه وبين الله تعالى مما لم يتعلق بهم؛ فذلك يكفيه إذا كان الأمر هكذا لقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}(1) ولقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}(2) ولقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضر من ضل إذا اهتديتم}(3) يعني تعالى إذا لم تتركوا جهدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلم تؤثروا، ثم لم تقدروا على الهجرة فعليكم أنفسكم تحفظونها من فعل المنكر وحضوره والرضاء به، وتحفظونها أيضا عن مواصلة الظلمة والتولي من جهتهم وغير ذلك مما يدخلكم فيما يهوون منكم ولا يضركم ضلالهم حينئذ، وضلالهم على أنفسهم لا نحكم عليكم منه بشيء أبدا.

Page 308