وزعم بعض من تأخر أن المراد بالحديث فناء الأمة في أخر الزمان ، وأن الطعن يقسر الهزج المذكور في الحديث الأخرة فقد جاء فيه أنه القتل، وأن المراد بالطاعون الريح التي تقبض أرواج المؤمنين . قال د فقد جاء في بعض الطرق أنهاء وتأخذهم في أباطهم. ولا يخفي تكلف هذا الحمل وتعسفه ، ولولا خشية الأغترار به ما عرجت عليه ، ومن تأمل سياق الأحاديث التي سنذكرها في الباب الثالث عرف فساد ما قال: ويكفى في رده إطباق أهل العلم على أن الموت بالطاعون فضيلة ، ومقتضى كلامه أنه لا فضيلة فيه ، بل هو محض إخبار بما سيقع أخر الزمان .
وممن نحا إلى أن المراد ب [الأمةا في حديث الباب الصحابة،
أبو العباس القرطبى في وكتاب المقهم فى شرح مسلما ، فقال بعد أن نقل قول أبى قلابة : إن المراد في حديث معاذ بأن الطاعون ادعوة نبيكم ، أنه عليه الصلاة والسلام دعا أن يجعل فناء أمته بالطعن والطاعون . كذا جاعت الرواية عن أبى قلابة بالواو. وقال بعض علمائنا الصحيح بالطعن أو الطاعون ، بأأوه التى هي لأحد الشيئين ، أى لا يجتمع ذلك عليهم .
قلت مز العالم الذى أبهمه هو إعياضه ، وهذه عبارته في إشرح مسلم فقال ز الصحيح من الرواية أنه أخبره جبريل أن فناء أمته بطعن أو طاعون، فقال: اللهم فناء بالطاعون . قال: وهذا الذى يوافق حديثه الأخر أن لا يجعل بأسهم بينهم ، وأن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، انتهى قال القرطبى .: ويظهر لى أن الروايتين صحيحت المعنى . وبيانه أن مراد النتى بذأمتهه المذكورة في الحديث [إنما] هم أصحابه ، لأنه دعا لأمته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأجيب إلى ذلك فلا يذهب جميعهم بموت عام ولا عدو وعلى مقتضى الدعاء في حديث أبى قلابة ، يفنى جميعهم بالقتل والموت العام ، فتعين أن يصرف إلى الصحابة ، لأنهم الذين اختار الله لمعظمهم الشهادة بالقتل فى سبيل الله ، وبالطاعون الذى وقع في زمانهم فهلك
به بقيتهم . فعلى هذا فقد جمع الله لهم كلا الأمرين ، فتبقى، [الواوا على أصلها من الجمع ويحتمل أن تكون الرواية بأوا ، وهى تحتمل التنويع ولا تبعين للتخير ، انتهي كلامه .
وقد يعترض غليه بأنه قد مات جمع كثير من الصحابة بغير الطعن والطاعون ، لكنه غير وارد، لأنه إذا ساع تخصيص عموم الأمة بالصحابة ساع تخصيص الصحابة بطائفة منهم ومن التأويل المستبعد حمل لأمتىه على أمة الدعوة . ذكره الشيخ بدرالدين الزركشى فى وجزءه جمعه في الطاعون ، فقال ويحتمل - والله أعلم ذ أن م المراد ب والأمةة أمة الدعوة لا أمة الإجابة ، ويشهد له ما ورد أن سبب الطاعون ظهور الفواحش قلت . ولا يخفى بعده أيضا بل يرد عليه ما ورد على الأول، فإن معظم أمة الدعوة لم يموتوا بالقتل والطاعون . بل يفسده أن ظهور الفواحش لا يختص بأمة الدعوة بل يشركها فيه بعض أمة الإجابة ، ويفسده أيضا قوله في بعض طرق الحديث كما تقدم : قتلا في سبيلك . فدل على أن المراد أمة الدعوة . نعم لو قيلن المزاد بأمتى ما هو أعم من أمة الدعوة والإجابة لكان متجها ، وسنياتى ما يقويه إن شاء الله تعالى وروى أبو بكر الرازى في كتابه أأحكام القران» ، عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ن أنه لما جهز الجيوش إلى الشام قالن اللهم أفنهم بالطعن أو الطاعون .
وروى ابن أبنى الدنيا عن كردوس التعليى قال: لمنا وقع
الطاعون - يعنى بالكوفة - قال المغيرة بن شعبة : إن هذا العداب قد وقع فاخرجوا عنه . قال : فذكرته لأبى موسى فقال : لكن العبد الصالح أبو بكر الصديق قال : اللهم طعنا وطاعونا في مرضائك وهذا يؤيد ما تقدم أن المراد بالمدعو لهم الصحابة .
وقول أبى بكر رضى الله عنه ، في حديث أبى موسى رضى الله عنه هذا: اللهم طعنا وطاعونا في مرضائك، دعاء به للجيوش الذين جهزهم ، جمعا بين الخبرين . وكأنه لما رأهم على حالة الاستقامة خشى عليهم الفتنة ، فأحب أن يكون موثهم على الحالة التي خرجوا / عليها قبل أن يفتنوا بالدنيا ذكره أبو بكر الرازى في كتاب أحكام القران ، وكان أبا بكر الصديق سمع الحديث المرفوع فتاسى به .
وقد استبعد الشيخ تفى الدين بن تيمية - فيما نقله المنبجى فى والجزء الذي جمعه في الطاعون - حمل قوله : واجعل فناء أمتى . .
Unknown page