فأجاب من فوره: «إنه كلب لعين، يا فكتور أندريفتش، لقد ترددت طويلا قبل أن أطلعك على حقيقة أمره، ولكني لا أستطيع السكوت بعد الآن، إن ذلك الوحش يخرج الفلاحين من بيوتهم في ظلام الليل، ويسبهم ويهددهم بمسدسه، وقد قيل لي : إنه يضربهم ضربا وحشيا.» - «ولم لم تخبرني بذلك قبل الآن؟ ارتد ملابسك في الحال وهيا بنا نذهب إليه.»
وكان في وسعي أن أرى أضواء في بناء السوفيت من خلال مصاريعه الخشبية، فلما دخلناه وجدنا الفلاحين متربعين على الأرض، وكان على الباب الخارجي حارس مسلح، وجلس في الداخل كونستبل من القرية وبيده مسدس وفي فمه لفافة يدخنها، ولما دخلت الدار سمعت صياح أحد الفلاحين وأرشينوف يسب وينهر خلف باب حجرته المغلق.
وسألت الكونستبل بصوت يجلجل من شدة الغضب: «ماذا يعمل هؤلاء كلهم هنا في هذه الساعة؟»
فوقف الرجل على قدميه مذعورا وقال: «إن الرفيق أرشينوف ينتزع منهم الحبوب كعادته، ويتحدث قليلا إلى الذين لا يريدون منهم أن ينضموا إلى المزرعة الجماعية.»
وعلا صوت أرشينوف فجأة واحتد حدة جنونية، وسقط جسم ثقيل على الأرض، وسمعنا الفلاح يئن ويقول: «لم تضربني؟ إنك لا يحق لك أن تضربني ...» ثم صاح أرشينوف: «يا كونستبل ألق بهذا الوغد في البرادة، وسألقي عليك درسا لا تنساه أيها المالك الحقير.»
واندفع الكونستبل نحو الغرفة المجاورة، فأمسكت بذراعه وقلت له: «قف هنا، وسأذهب أنا نفسي.»
ودفعت الباب فانفتح، وفزع أرشينوف، وعض شفتيه، وتحرك حركة عصبية في كرسيه، وأراد أن يرفع مسدسه عن المنضدة، وكان الفلاح الملقى على الأرض رجلا هرما، في ثياب مهلهلة ووجهه ملطخ بالدماء، وأشرت إليه أن يخرج.
ثم سرت نحو أرشينوف وهممت أن أستخدم قبضتي معه.
وصحت به قائلا: «دع الفلاحين يخرجون من هذا المكان! دعهم يخرجون من فورهم. أتسمع ما أقول؟» - «أنا صاحب الأمر في هذا المكان يا رفيق كرافتشنكو، وأرجوك ألا تتدخل في عملي.» - «لا، إن هذا من عمل الحزب، وأنا بوصفي شيوعيا لا أسمح لك أن تدنس سلطة السوفيت بهذه القسوة الوحشية.» والتفت نحو الغرفة الخارجية وصحت: «يا رفيق تفتكوف، أرجوك أن تكتب اسم الشيخ الذي كان يضرب توا واسم الكونستبل أيضا.»
وتظاهر أرشينوف بالجرأة، ولكن غضبي أقلقه وبلبل أفكاره، فقال لي: «ويلك ماذا تريد أن تفعل؟ ما هذا الاستفزاز؟ أتريد أن تحقر مبعوثا للجنة الإقليمية في أعين الجماهير؟» - «دعك من هذا النفاق! إن أمثالك هم الذين يحقرون الحزب والبلاد بأجمعها، يا كونستبل، ليذهب كل هؤلاء الناس إلى بيوتهم، وأنتم أيها الرفاق الفلاحون، إذا ضرب واحد منكم بعد الآن، فليرفع أمره إلي، وأنا أعلنكم أن الضرب مخالف للقانون.»
Unknown page