330

Al-arbaʿūn ḥadīthan

الاربعون حديثا

Genres

وسلم ، فكأن الله لم يزودنا بالقدرة على العمل ، ولم يعلمنا سبيل الصواب ، والاعوجاج .

وخلاصة الكلام نكون في شؤوننا الدنيوية من المفوضة ، وفي شؤوننا الأخروية من الجبريين ، غافلين عن أن هذين المسلكين باطلان وفاسدان ومخالفان لإرشاد الأنبياء صلى الله عليهم ، ومنهج أئمة الهدى ، والأولياء المقربين . مع أنهم كانوا جميعا يؤمنون برحمة الحق وكان إيمانهم أكثر من الآخرين . رغم ذلك كله ، لم يغفلوا لحظة واحدة عن أداء واجبهم ، ولم يتوقفوا عن السعي وبذل الجهد دقيقة واحدة .

أخي ادرس صحائف أعمالهم : أدعية ومناجاة سيد الساجدين وزين العابدين عليه السلام وتدبر أنه ماذا كان يفعل في مقام العبودية ؟ وكيف كان ينهض بدور العبودية ؟ ومع ذلك عندما يلقي السيد السجاد نظرة على صحيفة مولى المتقين ، أمير المؤمنين عليه السلام ، يبدى أسفه ، ويظهر عجزه !

فنحن إما أن نكذبهم نعوذ بالله ونقول بأنهم لم يطمئنوا ولم يؤمنوا برحمة الحق سبحانه ، مثلما أننا لم نؤمن ولم نطمئن برحمته عز وجل . أو نكذب أنفسنا ، ونفهم بأن هذه الأقوال التي نتفوه بها من مكائد الشيطان وإغراءات النفس ، حيث يريدان ان تضليلنا عن الصراط المستقيم . نعوذ بالله من شرهما .

فيا أيها العزيز ، كما قال أبو ذر للرجل : إن العلم كثير ، ولكن العلم النافع لأمثالنا أن لا نسيئ إلى أنفسنا ونعرف بأن أوامر الأنبياء والأولياء عليهم السلام تكشف عن حقائق نحن محجوبون عنها . إنهم يعلمون بأن للأخلاق الذميمة والأعمال السيئة ، صورا بشعة وثمارا فاسدة ، وان للأعمال الحسنة والأخلاق الكريمة صورا جميلة ملكوتية . إنهم حدثونا عن كل شيء عن الدواء والعلاج وعن الداء والسقم . فإذا كنت عطوفا على نفسك ، فلا بد وأن لا تتجاوز هذه الإرشادات لتداوي ألمك ، وتعالج مرضك . الله يعلم أنه إذا انتقلنا مع ما نحن عليه الآن إلى ذلك العالم ، فبأي مصائب وآلام ومعاناة سوف نبتلي ؟ والحمد لله أولا وآخرا .

Page 334