49

Aqawil Thiqat

أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

Investigator

شعيب الأرناؤوط

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦

Publisher Location

بيروت

لعدم فهم مَذْهَب الْقَائِل بالجهة فَإِن الْقَائِل بالجهة يَقُول إِن الْجِهَات تَنْقَطِع بِانْقِطَاع الْعَالم وتنتهي بإنتهاء آخر جُزْء من الْكَوْن وَالْإِشَارَة إِلَى فَوق تقع على أَعلَى جُزْء من الْكَوْن حَقِيقَة كَمَا مر قَالُوا وَمِمَّا يُحَقّق هَذَا أَن الْكَوْن الْكُلِّي لَا فِي جِهَة لِأَن الْجِهَة عبارَة عَن الْمَكَان والكون الْكُلِّي لَا فِي مَكَان فَلَمَّا عدمت الْأَمَاكِن من جوانبه لم يقل إِنَّه يَمِين وَلَا يسَار وَلَا قُدَّام وَلَا وَرَاء وَلَا فَوق وَلَا تَحت وَقَالُوا إِن مَا عدا الْكَوْن الْكُلِّي وَمَا خلا الذَّات الْقَدِيمَة لَيْسَ بِشَيْء وَلَا يشار إِلَيْهِ وَلَا يعرف بخلاء وَلَا ملاء وَانْفَرَدَ الْكَوْن الْكُلِّي بِوَصْف التحت لِأَن الله تَعَالَى وصف نَفسه بالعلو وتمدح بِهِ وَقَالُوا إِنَّه سُبْحَانَهُ أوجد الأكوان فِي مَحل وحيز وَهُوَ سُبْحَانَهُ فِي قدمه منزه عَن الْمحل والحيز فيستحيل شرعا وعقلا عِنْد حُدُوث الْعَالم أَن يحل فِيهِ أَو يخْتَلط بِهِ لِأَن الْقَدِيم لَا يحل فِي الْحَادِث وَلَيْسَ هُوَ محلا للحوادث فَلَزِمَ أَن يكون بَائِنا عَنهُ وَإِذا كَانَ بَائِنا عَنهُ فيستحيل أَن يكون الْعَالم فِي جِهَة الفوق والرب فِي جِهَة التحت بل هُوَ فَوْقه بالفوقية اللائقة بِهِ الَّتِي لَا تكيف وَلَا تمثل بل تعلم من حَيْثُ الْجُمْلَة والثبوت لَا من حَيْثُ التَّمْثِيل والتكييف فيوصف الرب بالفوقية كَمَا يَلِيق بجلاله وعظمته وَلَا يفهم مِنْهَا مَا يفهم من صِفَات المخلوقين وَقَالُوا إِن الدَّلِيل الْقَاطِع دلّ على وجود البارئ وثبوته ذاتا بِحَقِيقَة الْإِثْبَات وَأَنه لَا يصلح أَن يماس المخلوقين أَو تماسه

1 / 93