ما كنت إلّا كلحم ميت ... دعا إلى أكله اضطرار [١]
وقال آخر:
فلان الكعبة تزار ولا تزور [٢] .
فهذا باب في حسن الاستعارة والتمثيل.
فهذا كلام- كما تراه- لو جعل في الأمثال السائرة لما وقع دونها، بل كان يربي على كثير منها. وقد كان الرّجل في صدر الإسلام، والآخر في الجاهليّة يرسل الكلمة فتترك، ولا يتمثّل بها إلّا في أيّام هذه الدّولة العباسيّة، ويطوي المصنّفون في هذا الباب ذكرها، فإذا ورد عليك شيء من ذلك فلا تنكره، فإنّ شرطنا ما أهمل ذكره القدماء.
وبعد، فقد قال قوم أقوالا سيّرها أهل بلادهم، ومجاوروهم في ديارهم أمثالا، إلّا أنها لم تستعمل فيما يباين تلك الدّيار من الأقاليم والبلدان، فأهملت ذكرها، إذ كان شرطنا ما استفاض وسار، واستوى فيه القريب [٦ و] والبعيد. من ذلك قول أهل البصرة: لا أفعل ذلك
_________
[١] في الأصل: «دعى إلى ...» وهو له في التمثيل والمحاضرة: ٨١، والوساطة: ٢٢٠، ونهاية الأرب ٣: ٨١، والمهلّبي هو عبد الله بن محمد بن أبي عيينة، وقد تصحّف اسمه في النهاية، وهو من شعراء القرن الثاني.
[٢] ينظر المجمع ٢: ١٧٢.
1 / 83