الجواب: قد مضى ما يكفي من له أدنى ذوق ولصدره يشفي من كون هذه المسألة اجتهادية ظنية، المقلد فيها لأحد أئمة الآل(1) ماض على سنن الحق لا اعتراض عليه ولا تضليل، ولا يجوز لأحد من العلماء وغيرهم أن يدعوه إلى تقليده، وإلا فقد خالف إجماع المسلمين، إلا أن يدعي أن الحق معه دون سائر العلماء، أبرز دليلا محررا! وهذا لا يدعيه من العقلاء أحد. وقد تقدم لك مذهب القائلين بنسخ الرفع عموما من أهل البيت عليهم السلام وغيرهم. فقوله: ووافق الهادي فقط، هذا ليس صحيح، بل قد وافق جل الأئمة من أهل البيت عليهم السلام كما شرحناه لك، وكثيرا ما سمعنا من البعض ينسبون الهادي عليه السلام إلى انفراده بمسائل كما نسب إليه هذا المجيب، وليس كذلك، فطالع كتب الأئمةآ تعلم يقينا أن الإمام الهاديعليه السلام لم يذهب إلى مسألة من فروع الدين إلا وقد وافقه(2) طائفة عظيمة من أئمة المسلمين. وكما نسب إليه بعضهم مخالفة الإجماع في مسألة طلب الماء إلى آخر الوقت، والحال أنه مذهب جده أمير المؤمنين، قرين الحق علي صلوات الله عليه، ومذهب إمام سادات الرس نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم عليه السلام، ومذهب سيد سادات أهل الكوفة الحسين بن يحيى بن الحسن بن زيد صلوات الله عليهم أجمعين، ومذهب علامة العراق حافظ علوم آل محمد أبي جعفر محمد بن منصور المرادي (3) رحمه الله تعالى، كما هو مذكور في جامع آل محمد المعروف ب(الجامع الكافي). ورواه في (شرح التجريد) و(شرح الأحكام) عن أمير المؤمنين عليه السلام. ورواه البيهقي في (السنن الكبرى) وقاضي الشافعية (الريمي) (1) في كتابه (المعاني البديعة) كلاهما عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فالذي نسب إليه ذلك معذور لقصوره وعدم اطلاعه على كتب أهل البيت علهم السلام، ?وفوق كل ذي علم عليم?[يوسف:76].
قل للذي يدعي في العلم معرفة ... حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
وكما نسب إليه هذا المجيب هذه النسبة الباطلة فإنها من جنس ما تقدم لك، ولم ينصف أهل هذه الديار هذا الإمام العظيم، ولم يشكروا له ما أسداه إليهم من الفضل الجسيم، من سعيه المشكور وعمله المبرور.
قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام: (كل إمام يقوم في (ديار) (2) اليمن فللإمام الهادي إلى الحق عليه السلام عليه منة). فإنه لولا سعي هذا الإمام ونشره في هذه الديار شرائع ا لإسلام لكانوا مجبرة قدرية، أو باطنية مجوسية، ولولاه ما تسنم هذا المجيب ذروة المنابر، ولا اتكأ في أعلى المناظر، فليشكر الله هو وأهل نحلته على هذه النعم الجسام، التي أجراها الله لهم على يد هذا الإمام، ولابد إن شاء الله تعالى من فصل نذكر فيه فضائل(3) هذا الإمام، وما جاء فيه عن سادات أهل البيت الأعلام، من الاعتراف بمحله في العلم الشريف، حتى يعلم الناظر ما لمح إليه المجيب من الاحتقار لجانب هذا الإمام السني(4) المنيف.
قوله: فأي عذر لزيدي ترك رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام فإن هذا (5) ليس بزيدي، إذ الزيدي من يتابع زيد بن علي عليه السلام.... إلى قوله: ولقد صدق والدي قدس الله روحه ونور برحمته ضريحه حيث قال:
Page 41